وَأَهْلُ الْبِدَعِ سَلَكُوا طَرِيقًا آخَرَ ابْتَدَعُوهَا اعْتَمَدُوا عَلَيْهَا (١) ، وَلَا يَذْكُرُونَ الْحَدِيثَ، بَلْ وَلَا الْقُرْآنَ، فِي أُصُولِهِمْ [إِلَّا] (٢) لِلِاعْتِضَادِ لَا لِلِاعْتِمَادِ.
وَالرَّافِضَةُ أَقَلُّ مَعْرِفَةً وَعِنَايَةً بِهَذَا، إِذْ (٣) كَانُوا لَا يَنْظُرُونَ فِي الْإِسْنَادِ وَلَا فِي سَائِرِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ: هَلْ (٤) تُوَافِقُ ذَلِكَ أَوْ تُخَالِفُهُ؟ وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ لَهُمْ أَسَانِيدُ مُتَّصِلَةٌ صَحِيحَةٌ قَطُّ، بَلْ كُلُّ إِسْنَادٍ مُتَّصِلٌ لَهُمْ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْ (٥) هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ أَوْ كَثْرَةِ الْغَلَطِ.
وَهُمْ فِي ذَلِكَ شَبِيهٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِسْنَادٌ. وَالْإِسْنَادُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ هُوَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ خَصَائِصِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَالرَّافِضَةُ مِنْ أَقَلِّ النَّاسِ عِنَايَةً ; إِذْ (٦) كَانُوا لَا يُصَدِّقُونَ إِلَّا بِمَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ، وَعَلَامَةُ كَذِبِهِ أَنَّهُ (٧) يُخَالِفُ هَوَاهُمْ ; وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: أَهْلُ الْعِلْمِ يَكْتُبُونَ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ لَا يَكْتُبُونَ إِلَّا مَا لَهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَهُمْ كَانُوا كَثِيرِي (٨) الْكَذِبِ، فَانْتَقَلَتْ أَحَادِيثُهُمْ إِلَى قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ التَّمْيِيزُ إِلَّا بِتَصْدِيقِ الْجَمِيعِ أَوْ تَكْذِيبِ الْجَمِيعِ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ غَيْرُ الْإِسْنَادِ.
(١) ب: ابْتَدَعُوهَا وَاعْتَمَدُوهَا.(٢) إِلَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (س) .(٣) ن، م، س، ب: إِذَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.(٤) س: بَلْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.(٥) س، ب: مَا.(٦) ن، س، ب: إِذَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.(٧) ن، م: أَنْ.(٨) ن، م، س: كَثِيرِينَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute