أَقْوَالُ الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ، وَلَمْ يُذْكَرِ الْإِسْنَادُ فِي عَامَّةِ مَا يَنْقُلُهُ، بَلْ هُوَ يَنْقُلُ مِنْ كُتُبِ مَنْ صَنَّفَ الْمَقَالَاتِ قَبْلَهُ، مِثْلَ أَبِي عِيسَى الْوَرَّاقِ وَهُوَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ لِلرَّافِضَةِ، الْمُتَّهَمِينَ فِي كَثِيرٍ مِمَّا يَنْقُلُونَهُ (١) ، وَمِثْلَ أَبِي يَحْيَى وَغَيْرِهِمَا مِنَ الشِّيعَةِ. وَيَنْقُلُ أَيْضًا مِنْ كُتُبِ بَعْضِ الزَّيْدِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الطَّاعِنِينَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَلِهَذَا تَجِدُ (٢) نَقْلَ الْأَشْعَرِيِّ أَصَحَّ مِنْ نَقْلِ هَؤُلَاءِ ; لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَقَالَاتِ، وَأَشَدُّ احْتِرَازًا مِنْ كَذِبَ الْكَذَّابِينَ فِيهَا، مَعَ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي نَقْلِهِ، وَنَقْلِ عَامَّةِ مَنْ يَنْقُلُ الْمَقَالَاتِ بِغَيْرِ أَلْفَاظِ أَصْحَابِهَا وَلَا إِسْنَادٍ عَنْهُمْ، مِنَ الْغَلَطِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِمْ وَبَيْنَ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ. حَتَّى فِي نَقْلِ الْفُقَهَاءِ بَعْضِهِمْ مَذَاهِبَ بَعْضٍ، فَإِنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا غَلَطٌ كَثِيرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ النَّاقِلُ مِمَّنْ يَقْصِدُ الْكَذِبَ، بَلْ يَقَعُ الْغَلَطُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي الْكَذِبِ عَنْهُ (٣) ، بَلْ هُوَ مُعَظِّمٌ لَهُ أَوْ مُتَّبِعٌ لَهُ (٤) .
وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مُوَالَاتِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَوُجُوبِ اتِّبَاعِهِ، وَمَعَ هَذَا فَغَيْرُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ يَكْثُرُ فِي نَقْلِهِمُ الْغَلَطُ عَلَيْهِ، وَيَزِيدُونَ فِي كَلَامِهِ وَيُنْقِصُونَ نَقْصًا يُفْسِدُ الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ، بَلْ يَغْلَطُونَ فِي مَعْرِفَةِ أُمُورِهِ الْمَشْهُورَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
(١) انْظُرْ مَا ذَكَرْتُهُ عَنِ الْوَرَّاقِ فِيمَا مَضَى ٢/٥٠١(٢) ن: نَجِدُ.(٣) ن، م: عَنْهُمْ.(٤) ن: لَهُ وَلِرَسُولِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute