فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ (١) الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ (٢) مِنْ قَوْمِكُمْ، [فَإِذَا هُمْ] (٣) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا (٤) مِنْ أَصْلِنَا وَأَنْ يَحْضُنُونَا (٥) مِنَ الْأَمْرِ، فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ (٦) أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَكُنْتُ زَوَّرْتُ (٧) مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ (٨) . فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ. وَاللَّهِ، مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا، حَتَّى سَكَتَ. فَقَالَ: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ (٩) هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ
(١) ح، ر، ي، ب: مَعَاشِرَ.(٢) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ: أَيْ عَدَدٌ قَلِيلٌ، وَأَصْلُهُ مِنَ الدَّفِّ، وَهُوَ السَّيْرُ الْبَطِيءُ فِي جَمَاعَةٍ ".(٣) فَإِذَا هُمْ: فِي (ب) وَالْبُخَارِيِّ فَقَطْ.(٤) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " يَخْتَزِلُونَا: بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَزَايٍ: أَيْ يَقْتَطِعُونَا عَنِ الْأَمْرِ وَيَنْفَرِدُوا بِهِ دُونَنَا، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: خَزَلْتُهُ عَنْ حَاجَتِهِ: عَوَّقْتُهُ عَنْهَا، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْأَصْلِ: مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الْأَمْرِ ".(٥) ح، ر، ي: أَنْ يَجْتَثُّونَا، وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ فِي (ن) ، (م) ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " وَأَنْ يَحْضُنُونَا بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَاءٍ مُعْجَمَةٍ، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: أَيْ يُخْرِجُونَا، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: حَضَنَهُ وَاحْتَضَنَهُ عَنِ الْأَمْرِ: أَخْرَجَهُ فِي نَاحِيَةٍ عَنْهُ وَاسْتَبَدَّ بِهِ أَوْ حَبَسَهُ عَنْهُ.(٦) ح، ر، ي، ن: وَأَرَدْتُ.(٧) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " قَدْ زَوَّرْتُ، بِزَايٍ ثُمَّ رَاءٍ: أَيْ هَيَّأْتُ وَحَسَّنْتُ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: رَوَيْتُ مِنَ الرَّوِيَّةِ ضِدُّ الْبَدِيهَةِ ".(٨) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: عَلَى رِسْلِكَ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ أَيْ: عَلَى مَهَلِكَ بِفَتْحَتَيْنِ.(٩) ن، ح، ر، ي: وَلَنْ نَعْرِفَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute