الْجَوَّادُ الَّذِي لَا يَبْخَلُ وَالْغَنِيُّ الَّذِي لَا يُحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ، وَالْقَادِرُ الَّذِي لَا يَمَسُّهُ لُغُوبٌ. وَالْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْغِنَى عَمَّا (١) سِوَاهُ هِيَ صِفَاتُ الْكَمَالِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ سَائِرَهَا.
وَالنَّصَارَى يَصِفُونَ الْمَخْلُوقَ بِصِفَاتِ الْخَالِقِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا، وَيُشَبِّهُونَ الْمَخْلُوقَ بِالْخَالِقِ، حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَإِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَقَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
فَالْمُسْلِمُونَ وَحَّدُوا اللَّهَ وَوَصَفُوهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنَزَّهُوهُ عَنْ جَمِيعِ صِفَاتِ النَّقْصِ، وَنَزَّهُوهُ عَنْ أَنْ يُمَاثِلَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ، فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لَا بِصِفَاتِ النَّقْصِ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ.
وَكَذَلِكَ فِي النُّبُوَّاتِ ; فَالْيَهُودُ تَقْتُلُ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ، وَتَسْتَكْبِرُ عَنِ اتِّبَاعِهِمْ، وَتُكَذِّبُهُمْ (٢) وَتَتَّهِمُهُمْ بِالْكَبَائِرِ. وَالنَّصَارَى يَجْعَلُونَ مَنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ وَلَا رَسُولٍ نَبِيًّا وَرَسُولًا، كَمَا يَقُولُونَ فِي الْحَوَارِيِّينَ: إِنَّهُمْ رُسُلٌ، بَلْ يُطِيعُونَ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ كَمَا تُطَاعُ الْأَنْبِيَاءُ. فَالنَّصَارَى تُصَدِّقُ بِالْبَاطِلِ، وَالْيَهُودُ تُكَذِّبُ بِالْحَقِّ.
وَلِهَذَا كَانَ فِي مُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ شَبَهٌ (٣) مِنَ الْيَهُودِ، وَفِي مُبْتَدِعَةِ أَهْلِ
(١) ب فَقَطْ: عَمَّنْ.(٢) وَتُكَذِّبُهُمْ: كَذَا فِي (ن) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَتُكَذِّبُ بِهِمْ.(٣) ن، م: شُبْهَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute