وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٢٦] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ذَلِكَ لَكُمْ وَيَرْضَاهُ لَكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ بِهِ، فَمَنْ فَعَلَهُ حَصَلَ لَهُ هَذَا الْمُرَادُ الْمَحْبُوبُ الْمَرْضِيُّ (١) ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبُيِّنَ أَنَّ هَذَا أَلْزَمُ (٢) لِهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ الْقَدَرِيَّةِ ; فَإِنَّ عِنْدَهُمْ [أَنَّ] (٣) إِرَادَةَ اللَّهِ بِمَعْنَى أَمْرِهِ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا أَرَادَ، فَلَا يَلْزَمُ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَطْهِيرَ أَحَدٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ تَطَهَّرَ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُطَهِّرَ اللَّهُ أَحَدًا (٤) ، [بَلْ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَطْهِيرَهُ، فَإِنْ شَاءَ طَهَّرَ نَفْسَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُطَهِّرْهَا] (٥) ، وَلَا يَقْدِرُ اللَّهُ عِنْدَهُمْ عَلَى تَطْهِيرِ أَحَدٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " لِأَنَّ (٦) الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ".
فَيُقَالُ لَهُ (٧) : أَوَّلًا الْمُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةُ الْفَرْضِ، وَأَمَّا صَدَقَاتُ (٨) التَّطَوُّعِ فَقَدْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنِ الْمِيَاهِ الْمُسَبَّلَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْنَا الْفَرْضُ، وَلَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْنَا التَّطَوُّعُ. وَإِذَا جَازَ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِصَدَقَاتِ الْأَجَانِبِ الَّتِي هِيَ تَطَوُّعٌ، فَانْتِفَاعُهُمْ بِصَدَقَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَولَى وَأَحْرَى ; فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ لَمْ تَكُنْ زَكَاةً مَفْرُوضَةً عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ (٩)
(١) الْمَرْضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .(٢) ن، م: لَزِمَ ; ص: إِلْزَامٌ.(٣) أَنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .(٤) أ، ب: أَنْ يُطَهِّرَ أَحَدٌ أَحَدًا ; ص: أَنْ يُطَهِّرَ أَحَدًا.(٥) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .(٦) أ، ب: إِنَّ.(٧) ن، م: لَهُمْ.(٨) أ، ب، ص: صَدَقَةُ.(٩) ن، م، ص، هـ، ر: عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute