لِيَكُونَ لُطْفًا وَمَصْلَحَةً فِي التَّكْلِيفِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ فَسَادُ هَذِهِ الْحُجَّةِ مِنْ وُجُوهٍ: أَدْنَاهَا أَنَّ هَذَا مَفْقُودٌ (١) لَا مَوْجُودٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إِمَامٌ مَعْصُومٌ حَصَلَ بِهِ لُطْفٌ وَ [لَا] مَصْلَحَةٌ (٢) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّلِيلِ عَلَى [انْتِفَاءِ] (٣) ذَلِكَ إِلَّا الْمُنْتَظَرُ الَّذِي قَدْ عُلِمَ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَحَدٌ، [لَا] (٤) فِي دِينٍ وَلَا دُنْيَا، وَلَا حَصَلَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ بِهِ مَصْلَحَةٌ وَلَا لُطْفٌ، لَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ، فَكَيْفَ مَعَ كَثْرَةِ الدَّلَائِلِ عَلَى ذَلِكَ؟ .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: " كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ؟ فِي الْكَمَالِ " هُوَ قَوْلٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الدَّلِيلِ، وَالْقَوْلُ بِلَا عِلْمٍ يُمْكِنُ كُلَّ أَحَدٍ أَنْ يُقَابِلَهُ بِمِثْلِهِ. وَإِنِ ادَّعَى الْمُدَّعِي هَذَا الْكَمَالَ فِيمَنْ هُوَ أَشْهَرُ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنَ الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، لَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ. وَمَنْ طَالَعَ أَخْبَارَ النَّاسِ عَلِمَ أَنَّ الْفَضَائِلَ الْعِلْمِيَّةَ وَالدِّينِيَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَكْثَرُ مِمَّا يُنْقَلُ عَنِ الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنَ الْكَذِبِ، دَعِ الصِّدْقَ (٥) .
الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ " إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ (٦) أَنَّهُمْ كَانُوا ذَوِي سُلْطَانٍ وَقُدْرَةٍ مَعَهُمُ السَّيْفُ (٧) ، فَهَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ، وَهُمْ لَا يَدَّعُونَ ذَلِكَ،
(١) ن، م: مَقْصُودٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.(٢) وَلَا مَصْلَحَةٌ: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَمَصْلَحَةٌ.(٣) انْتِفَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٤) لَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .(٥) أ، ب، ر، هـ، ص: مِنَ الصِّدْقِ.(٦) أ: بِقَوْلِهِ، ب: بِهِ.(٧) أ: السَّيْبُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute