وَذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَخَذُوهُ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ مُقَصِّرُونَ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُوَفُّوا تَوْحِيدَ (١) الرُّبُوبِيَّةِ حَقَّهُ، فَكَيْفَ بِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ.
وَمَعَ هَذَا فَأَئِمَّةُ الْمُعْتَزِلَةِ وَشُيُوخُهُمْ وَأَئِمَّةُ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَنَحْوُهُمْ خَيْرٌ فِي تَقْرِيرِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ مِنْ مُتَفَلْسِفَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ كَالرَّازِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ خَلَطُوا ذَلِكَ بِتَوْحِيدِ الْفَلَاسِفَةِ كَابْنِ سِينَا (٢) وَأَمْثَالِهِ، وَهُوَ أَبْعَدُ الْكَلَامِ عَنِ التَّحْقِيقِ فِي التَّوْحِيدِ، وَإِنْ كَانَ خَيْرًا مِنْ كَلَامِ قُدَمَائِهِمْ أَرِسْطُو وَذَوِيهِ.
وَذَلِكَ أَنَّ غَايَتَهُمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا (٣) وَاجِبَ الْوُجُودِ، وَهَذَا حَقٌّ لَمْ يُنَازِعْ (٤) فِيهِ لَا مُعَطِّلٌ وَلَا مُشْرِكٌ، (٥) بَلِ النَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ وُجُودِ وَاجِبٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ بَعْضِ النَّاسِ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعَالَمَ حَدَثَ (٦) بِنَفْسِهِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ: [إِنَّ] هَذَا (٧) لَمْ تَقُلْهُ طَائِفَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ تَقْدِيرًا كَمَا تُقَدَّرُ الشُّبَهُ (٨) السُّوفِسْطَائِيَّةُ لِيُبْحَثَ عَنْهَا، (٩) وَهَذَا مِمَّا يَخْطِرُ (١٠) فِي قُلُوبِ
(١) أ، ب: بِتَوْحِيدِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.(٢) ن، م: الْفَلَاسِفَةِ، كَلَامَ ابْنِ سِينَا.(٣) أ، ب: يُثْبِتُونَ.(٤) ن، م: لَمْ يَتَنَازَعْ.(٥) ن: إِلَّا مُعَطِّلٌ وَلَا مَشْكُوكٌ م: إِلَّا مُعَطِّلٌ وَلَا مَسْلُوكٌ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.(٦) ن، م: حَادِثٌ.(٧) ع: يَقُولُ إِنَّ هَذَا، ن، م: يَقُولُونَ هَذَا.(٨) ن، م: شُبَهُ.(٩) ن: لِمُنْتَحِبٍ فِيهَا، م: لِمُسْتَحِتٍّ فِيهَا، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ، أ، ب: فَيُبْحَثُ عَنْهَا.(١٠) أ، ب: خَطَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute