وَأَمَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ فَظَنُّوا أَنَّ الْإِرَادَةَ نَوْعٌ وَاحِدٌ، [وَأَنَّهَا (١) هِيَ الْمَشِيئَةُ] (٢) فَقَالُوا: يَأْمُرُ بِمَا لَا يُرِيدُهُ (٣) .
ثُمَّ هَؤُلَاءِ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَقِسْمٌ قَالُوا: يَأْمُرُ بِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ، أَيْ لَمْ يَشَأْ وُجُودَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقِسْمٌ قَالُوا: بَلِ الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا هِيَ الْإِرَادَةُ وَهِيَ الْمَشِيئَةُ، فَهُوَ يَأْمُرُ بِمَا لَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُحِبَّهُ وَلَمْ يَرْضَهُ، وَمَا وَقَعَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ عِنْدَ (٤) هَؤُلَاءِ أَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ (٥) ، كَمَا أَرَادَهُ وَشَاءَهُ، وَلَكِنْ يَقُولُونَ (٦) : لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ دِينًا، كَمَا لَا يُرِيدُهُ دِينًا [وَلَا يَشَاؤُهُ دِينًا] (٧) ، وَلَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، [كَمَا لَمْ يُرِدْهُ مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، وَلَمْ يَشَأْهُ مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ] (٨) وَهَذَا قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَحَكَاهُ هُوَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، وَحُكِيَ عَنْهُ كَالْقَوْلِ (٩) الْأَوَّلِ.
وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ (١٠) مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ
(١) أ، ب: وَإِنَّمَا هُوَ تَصْحِيفٌ.(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٣) ن، م: بِمَا لَا يُرِيدُ.(٤) ن، م: فَعِنْدَ.(٥) أ، ب: يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.(٦) ن، م: وَلَكِنْ لَا يَقُولُونَ.(٧) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٨) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٩) م: مِثْلَ الْقَوْلِ.(١٠) ن، م: هُمُ الْقَدَرِيَّةُ، وَسَقَطَتْ " هُمْ " مِنْ (أ) ، (ب) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute