يلحق جميع البدن، فكذا الآخر إلا أن ذلك يقل فوجب غسله فيه، لأنه [لا](١) يشق، وفي الحدث/ يشق فاقتصرنا على الأعضاء الظاهرة، ونابت عن بقية البدن، كما ناب التيمم في عضوين عن بقية الأعضاء، وكما نابت الصلاة المقصورة عن الرباعية.
طريقة أخرى: أنه عضو يجب غسل ظاهره النجس، ولا يلزم داخل العين واللحية لما ذكرنا.
فإن قيل: يلزم داخل الأنف لا يجب غسله، وإن وجب غسل ظاهره، ولا يصح القياس؛ لأن في الأصل لا باطن لذلك.
قلنا: أما مسألة الإلزام فممنوعة على قول أبي إسحاق بن شاقلا (٢) فإنه قال (٣): يجب غسله؛ لقول النبي ﵇ للقيط بن صَبِرة (٤): «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً»(٥).
(١) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وأثبته ليستقيم الكلام. (٢) إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا أبو إسحاق البزار، شيخ الحنابلة، جليل القدر كثير الرواية حسن الكلام في الأصول والفروع، تفقه على أبي بكر غلام الخلال، وروى عنه أبو حفص العكبري وأحمد بن عثمان الكبشي، ومات سنة ٣٦٩ هـ وعُمْره ٥٤ عاماً. [ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٢٨، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٢٩٢]. (٣) قال: يجب غسل داخل الأنف. [ينظر: الانتصار ١/ ٢٨٩]. وذكر في الإنصاف ١/ ١٣٢ قول ابن شاقلا وهو: وجوب المبالغة في الاستنشاق وحده. (٤) لقيط بن صَبِرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري، وافد بني المنتفق إلى النبي ﷺ، وقيل: هو لقيط بن عامر العقيلي أبو رزين، قال أبو عيسى في كتاب العلل: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أبو رزين العقيلي هو: لقيط بن عامر، وهو عندي لقيط بن صبرة. قال أبو عيسى: وأما أكثر أهل الحديث فقالوا: لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر، قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا، فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر، وأما مسلم بن الحجاج فجعلهما في كتاب الطبقات اثنين، والله أعلم. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٤٠، أسد الغابة ٤/ ٢٢٢، الإصابة ٥/ ٥٠٧]. (٥) أخرجه ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار ١/ ١٤٢، ح ٤٠٧، وأبو داود، كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق ٢/ ٣٠٨، ح ٢٣٦٦، والترمذي، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم ٣/ ١٤٦، ح ٧٨٨، والنسائي، كتاب الطهارة، باب المبالغة في الاستنشاق ١/ ٦٦، ح ٨٧)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. وقال ابن حجر: حديث صحيح. [ينظر: المستدرك ٤/ ١٢٣، بيان الوهم والإيهام ٥/ ٥٩٢، الإصابة ٩/ ٣٩٠].