للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة]

حكم المؤلفة قلوبهم باقٍ لم ينسخ، فإذا وجد الإمام من يدفع بتآلفه عن الإسلام ضرراً، أو يجتلب بتآلفه للإسلام نفعاً جاز له دفع الزكاة إليه، هذا مذهبنا في إحدى الروايتين (١)، اختارها الخِرَقِي (٢)، وهي قول الحسن البصري، والزهري، وأبي ثور (٣).

والثانية: أن حكمهم منسوخٌ (٤)، وبها قال أبو حنيفة، والشافعي (٥).

الأوّلة:

قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ (٦)، وهذا نصٌّ، فلا يجوز دعوى نسخه إلا بنص يتأخر عنه لا يمكن اجتماعهما، وهذا متعذرٌ، لا يجدون إليه سبيلاً.

فإن قيل: لعمري إنّ هذه الآية نصٌّ في المؤلفة، فمن أين لكم أنهم من الكفار، وما تنكرون أن يكون المراد بذلك مسلم يخاف على قلوبهم الزيغ [والارتداد] (٧) لقرب عهدهم، وعدم تمكين الإيمان من قلوبهم؛ إذ لم يسلموا بأدلةٍ، لكن أسلموا بنوع استمالة لهم، والدلالة على ذلك ما روي عن ابن عباس أنه قال في تفسير هذه الآية: هم قومٌ كانوا يأتون رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ قد أسلموا، وكان رسول الله يرضخ (٨) لهم من الصدقات، فإذا أعطاهم من الصدقة


(١) ينظر: الهداية ١/ ٧٩، الروايتين والوجهين ٢/ ٤٣، الإنصاف ٣/ ٢٢٨، الفروع ٢/ ٦١١.
(٢) ينظر: متن الخرقي ص ٩٢.
(٣) ينظر: المغني ٢/ ٤٩٦، الكشف والبيان ٥/ ٦٠.
(٤) ينظر: الهداية ١/ ٧٩، الروايتين والوجهين ٢/ ٤٣، الإنصاف ٣/ ٢٢٨، الفروع ٢/ ٦١١.
(٥) ينظر للحنفيّة: مختصر الطحاوي ص ٥٢، بدائع الصنائع ٢/ ٤٤. وللشافعيّة: حلية العلماء ٣/ ١٥٤، المجموع ٦/ ١٩٨.
(٦) التّوبَة: ٦٠.
(٧) ما بين المعكوفين في الأصل: (والأنداد)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٨) رضخ فلان لفلان شيئاً من ماله؛ إذا أعطاه قليلاً من كثير، والاسم: الرضيخة. [ينظر: جمهرة اللغة ١/ ٥٨٧، الصحاح ١/ ٤٢٢].

<<  <   >  >>