للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم الراوي إذا صح عنده الحديث قاله تارة عن النبي، وتارة يسنده عنه، وعلى أن المرسل عندنا حجة؛ لأن الثقة لا يرسل الحديث ويخبر عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ إلا إذا ثبت عنده عدالة من يروي عنه وثقته، ويتضح له أن الخبر من قول النبي ـ صلَّى الله عليه ـ، وإلا كان يحيل به على من نقله إليه إذا شك فيه، هذا هو المعقول المعلوم من فعل الثقات، قال الحسن: «إذا ذكرت لكم في الحديث أن فلاناً حدثني فلم أسمعه إلا منه، وإذا قلت: قال النبي ، سمعته من سبعين صحابياً» (١)، أو كما قال.

وأما التأويل: فغلط؛ لأنه قد روي في لفظ آخر: «من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما» رواه الدارقطني بهذا الإسناد (٢)، ورواه ابن شاهين عن ابن عباس (٣)، عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ، وإذا كان الوضوء ناقصاً بعدمهما، لم يصح الوضوء الناقص، كما لو ترك لمعة من الوجه، أو اليد.

ثم الوضوء يشتمل على فروض وسنة، فإذا جعله من القسم الذي لابد منه فهو من فرضه، ولو لم يرد ذلك لقال: هما من الوضوء، مطلقاً.

وأما حملهم على الاستحباب باطل والأمر يقتضي الإيجاب، فمن حمله على غيره احتاج إلى دليل.


(١) ذكره الكافيجي في المختصر ص ١٧٣، والقاري في شرح النخبة ص ٤٠٣.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه الدارقطني، كتاب الطهارة، باب ما روي من قول النبي : «الأذنان من الرأس» ١/ ١٧٦، ح ٣٤٣ من طريق علي بن يونس، عن إبراهيم بن طهمان، عن جابر، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : «المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما، والأذنان من الرأس». قال الدارقطني: جابر ضعيف، وقد اختلف عنه فأرسله الحكم بن عبد الله أبو مطيع، عن إبراهيم بن طهمان، عن جابر، عن عطاء، وهو أشبه بالصواب. وقال البيهقي: روي عن النبي بأسانيد كثيرة ما منها إسناد إلا وله علة. وضعفه ابن الصلاح. [ينظر: الخلافيات ١/ ٣٤٧، مقدمة ابن الصلاح ص ١٧٨].

<<  <   >  >>