والمواجهة لا تقع بذلك فدل بهذا كله على أن الوجه مشتق من الوجاهة لا من المواجهة.
وقد سلّم القاضي أن الوجه مأخوذ من المواجهة، لكنه قال: طرف الأنف تقع به المواجهة، والفم إذا فتح وقعت به المواجهة، ولكنه إذا أطبق كان بمثابة الكف إذا ضم (٢).
و ـ أيضاً ـ من جهة الأخبار ما روى الدارقطني (٣) بإسناده عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «إذا توضأ أحدكم فليُمضمض وليستنشق، والأذنان من الرأس»(٤)، وهذا أمر يقتضي الوجوب.
(١) لم أقف عليه، وقد عزاه ابن قدامة في المغني ١/ ٨٦ لهما. (٢) لم أقف على كلام القاضي أبي يعلى. (٣) أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد بن مهدي، الدارقطني، الشافعي، الحافظ المشهور صاحب المصنفات، إمام عصره في الحديث، وأول من صنف القراءات وعقد لها أبواباً، ولد سنة ٣٠٦ هـ بدار القطن ـ من أحياء بغداد ـ قال الحاكم: صار الدارقطني أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماماً في القراء والنحويين. من مصنفاته: السنن، والعلل الواردة في الأحاديث النبوية، والمجتبى من السنن المأثورة، والمؤتلف والمختلف، توفي سنة ٣٨٥ هـ. [ينظر: تاريخ بغداد (١٣/ ٤٨٧، وفيات الأعيان ٣/ ٢٩٧، تاريخ الإسلام ٨/ ٥٧٦]. (٤) أخرجه أبو يعلى في مسنده ١١/ ٢٥٣، ح ٦٣٧٠، والطبري في التفسير، سورة المائدة، القول في تأويل قوله ـ تعالى ـ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ ٨/ ١٧٢، وابن حبان في المجروحين ٢/ ١١٠، والطبراني في الأوسط ١/ ١٧٢، ح ٥٣٨)، والدارقطني، كتاب الطهارة، باب ما روي من قول النبي ﷺ: «الأذنان من الرأس» ١/ ١٧٨، ح ٣٤٧ من طريق علي بن هاشم بن البريد، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن أبي هريرة. قال ابن حبان: كان علي بن هاشم غالياً في التشيع ممن يروي المناكير عن المشاهير حتى كثر ذلك في رواياته مع ما يقلب من الأسانيد. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا إسماعيل، تفرد به علي بن هاشم. وقال الدارقطني، وعبد الحق: لا يصح. وقال البيهقي: روي عن النبي ﷺ بأسانيد كثيرة ما منها إسناد إلا وله علة. وضعفه ابن الصلاح. [ينظر: الخلافيات ١/ ٣٤٧، الأحكام الوسطى ١/ ١٧١، مقدمة ابن الصلاح ص ١٧٨].