للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يذكر له التسمية، ولو كانت واجبة لذكرها.

وذكروا من حيث الفقه؛ قالوا: الوضوء إنما أريد لحصول الطهارة، والطهارة إنما أريدت لتتمكن من الصلاة، فإذا غسل هذه الأعضاء كيف ما كان فقد تمكن من أداء الفريضة، فينبغي أن يُجزئه.

والدليل على ذلك، وأنها أريدت للتمكن من الصلاة: أنه إذا أراد الصلاة وهو على وضوء لم يحتج أن يتوضأ؛ لأنه متمكن من الصلاة، فلم يحتج إلى إحداث وضوء آخر، وهذا لأنه لا يجب عليه الوضوء إلا لأجل الصلاة، وهذه جملة لا نزاع فيها، إنما الشأن في بيان أن التمكن من الصلاة بالوضوء على هذا الوجه من غير تسمية قد حصل.

فنقول: الدليل على ذلك: أن الماء خلقه الله ـ تعالى ـ طهوراً بطبعه على ما قال: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ (١) أي: خلقنا، وإذا كان طهوراً بطبعه فهو يجري على الأعضاء فيطهرها، ويزيل ما بها من الأشياء، وتحصل به الوضاءة والنظافة سواء سمّى، أم لم يسمِّ، وصار هذا كما نقول في الخبز، فإنه لما كان الشبع يحصل منه بطبعه، وكذلك الريّ في الماء، والقطع في السيف، حصلت هذه الأشياء غير مفتقرة في حصولها


= «وعليك، اذهب فصل فإنك لم تصل»، فأعادها مرتين أو ثلاثا، فقال الرجل: يا رسول الله، ما عبت من صلاتي؟ فقال رسول الله : «إنها لم تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله ﷿، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله ﷿ ويحمده ويمجده، ويقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله وأذن له فيه، ثم يكبر ويركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يستوي قائما حتى يقيم صلبه، ثم يكبر ويسجد حتى يمكن وجهه، ـ وربما قال: جبهته ـ حتى تطمئن مفاصله، وتسترخي، ويكبر فيرفع حتى يستوي قاعدا على مقعدته ويقيم صلبه، ثم يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه ويسترخي، فإذا لم يفعل هكذا لم تتم صلاته». وقال الترمذي: حديث حسن. وقال البزار: إسناده حسن. وقال ابن حجر: طرقه قوية. وقال العيني: إسناده صحيح على شرط البخاري. [ينظر: مسند البزار ٩/ ١٨٠، فتح الباري ٢/ ٢٧٩، نخب الأفكار ١/ ٣٠٩].
(١) الفُرقان: ٤٨.

<<  <   >  >>