للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا عقوبة في الشرع تقع موقع عفو، ولا في محل عُفي عنه، ولا سيما في باب العتق، فإنه يفترق الحال فيه بين القصد من عدم القصد، وكذلك يملك بابتياع نصف مملوك هو من أرحامه عتق عليه، وسرى إلى حصة شريكه، كما لو باشره بالعتق، وبمثله لو ملك ذلك النصف إرثاً عتق عليه ما ورثه خاصة، ولم يسرِ إلى حصة شريكه.

واحتجوا:

بأنكم حكمتم بالعتق في هذه المسألة على سبيل العقوبة، استدلالاً بظاهر السنة والمعاني، ولو أوجبت مثلة السيد عقوبة لما حكم صاحب مقالتكم بالولاء للسيد؛ لأن الولاء إنما يستحق بالإنعام، وهذا مسيء وليس بمنعم، بل مُقبّح مُؤلم، والشرع/ أزال ملكه الحاصل الثابت عقوبة له خارجة عن سمت القياس فكثّرت جُرم من جاء به من عقوبته موضوعة مستمرة، وهي حرمان الإرث، فإذا رأينا الشرع لم يحرمه الإرث، وأنتم قائلون بذلك؛ لزمكم بالقول باستحقاق الولاء القولُ بنفي العتق؛ لأن هذه المُثلة لمّا لم يحصل بها الموضع من العقوبات، وهو حرمان الإرث، فأولى أن لا يحصل بها الأبطأ والأندر وهو زوال الملك.

والجواب:

أن بعض أصحابنا قال بحرمان الولاء، وهو أن يحصل ولاء هذا الممثّلِ به لله ولرسوله، فيوضع من محل مال الله ورسوله، وهو بيت المال، وذلك أن مبنى هذه المسألة واعتمادنا فيها على السنة، وكلام عمر وروايته يعطي أنه يخرج من ملك السيد بالمثلة إلى الله ورسوله، فكأنه معتق لله ورسوله.

وهذا صحيح؛ لأن الله ـ سبحانه ـ خلّصه من رقه حيث أساء إليه هذه الإساءة المخصوصة، فقال : «من مثّل بعبده فهو حرٌّ» (١).

وإذا كان الله ـ سبحانه ـ هو المنعم بعتقه كان الولاء له، وكأنه قال: لله ورسوله حكم الموالي، وحكم موالي العبيد أن يكون الولاء لهم، فالولاء لله ورسوله، ومحل ما لله ورسوله إنما هو بيت المال.


(١) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>