للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند الجماعة لا يوجب ضماناً يبلغ ضمان النفس، وقطع اليدين أو الذكر يلزم احتمال قيمة العبد وكمال دية الحر، كأنه أتلف جميع النفس، وكذلك في باب ضمان الصيد ما يخرجه من الجناية عن الامتناع يجب به جميع بدله مِثْلاً في ذوات الأمثال، وقِيمةً فيما لا مِثْلَ له من النعم، وما دون ذلك يضم بما نقص، وكذلك الوطء المجرد لا يؤثر زوال ملك الشريك بالولد وإذا بلغ إلى الاستيلاد أزال الملك ووجبت القيمة.

وأما قولهم: بأنه لو كان مزيلاً للملك لاستوى فيه العمد والخطأ، كالقتل والاستيلاد والعتق/ يستوي فيه القصد وعدمه.

والجواب:

أن القاضي قال: لا أعرف رواية عن أحمد في الفرق بين العمد والخطأ (١).

فعلى هذا لا نُسلّم، ونقول: يعتق وإن كان خطأ، كما يزول ملكه عنه بقتل الخطأ، ويكون بمنزلة استيلاد أمة أتته وشريكه، وهو أشبه بالاستيلاد؛ لأنه فعل يحصل به استحقاق الجزية، فهو كالاستيلاد، وإبداء الأفعال يقوى؛ فتعمل خطأها ما يعمل عمدها، وكذلك ينفذا حيال المجنون، فلا يحتاج إلى عاقل ليقود استيلاده، وإن كان الجنون يعدم القصد، وكذلك حرمان الإرث حصل بالقتل، ثم جعل الخطأ فيه كالعمد.

ولو سلمنا وقلنا: لا يحصل بالخطأ ما يحصل بالعمد، فعلى هذا إيقاع العتق عليه إنما جُعل عقوبة؛ لأن النبي أخرجه مخرج العقوبة بقوله: «من مثّل بعبده أو عَذَّب بالنّار فهو حُرٌّ» (٢)، وإذا خرج مخرج العقوبة لم يجز أن يدخل على المخطئ؛ فإنَّ الشرع عفا عن الخطأ،


(١) يقول القاضي: إذا مثّل السيّد بعبده؛ فقياس المذهب أنه لا يعتق عليه. [ينظر: الإنصاف ٧/ ٤٠٦]، ولم أقف على كلامه عن أحمد في التفريق بين الخطأ والعمد.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>