للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سلَّم من أصحابنا قال: يجوز أن يكون الولاء فائدة يصدر عن الإنعام، ويحصل بما ليس بإنعام وبما هو جناية، ولذلك قلنا: إِنّ الواطئ لأمة ابنه والأمة المشتركة إذا علقت منه، ثم إنها ولدت من ذلك العلوق غير ذلك الوطء الذي هو جناية على ملك الغير وعلى الشرع، ثبت لها حكم الاستلاد، وإن كان العلوق والاستيلاد ليس بإنعام، بل جناية أوجبت التعزير والتغريم والإثم، لكن انبنى عليها ملك الأمة، فإذا اعتقت بموت المستولد/ كان ولاؤها لعُصّابه، وكذلك إذا أعتق المكاتب في الكتابة الفاسدة كان الولاء لسيده، وإن لم يكن مُنعِماً، إذْ كان [نَمَا] (١) بالعقد الباطل، والمعاوضة بالعوض بالفاسد.

وتحقق ذلك في تلك المسائل؛ أعني مسائل الاستيلاد والكتابة، وفي مسألتنا ـ أيضاً ـ: أنّ الجناية والإثم حصل في الاستمتاع والجراحة والقطع، والعقد على العوض الفاسد، والولاء [لو] (٢) لم يستفد بنفس الفعل المحرّم لكان حصل بالانعتاق، والانعتاق حَصَلَ حكماً وشرعاً، وذلك الذي حصل به العتاق، ولا يوصف بحظر ولا إباحة؛ لأنه حكم من لا يدخل فعله وحكمه تحت حجر ولا رسم ولا أمر وهو الله ـ سبحانه ـ، فلذلك استحق الولاء، وليس كذلك الغرامات، وتخسير المال بالكفارات والضمانات وإزالة الملك هاهنا؛ لأنه في مقابلة نفس الجناية وهي التي استحق بها العقوبة. والله أعلم بالصواب.

آخر الجزء الأول، ويتلوه في الذي يليه ـ إن شاء الله ـ مسألة: (إذا غصب أرضاً فزَرَعَها)، والحمد لله رب العالمين، وصلاته على سيدنا محمد النبيّ، وآله أجمعين، وسلّم تسليماً كثيراً.


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (انما)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.

<<  <   >  >>