طريقة أخرى تخص أبا حنيفة، حيث قال: إن الغاصب إذا جنى على العبد جناية أذهبت معظم منافعه بقطع يديه وما شاكل ذلك، فيقول: جناية، لو وجدت من جهة الأجنبي أزالت ملك المالك (١)، فإذا وجدت من جهة السيد جاز أن تزيل ملكه.
فإن قيل: هاهنا لم يزل الملك/ إلى غير بدلٍ، بل زال مضموناً بالقيمة، وهاهنا أنتم تزيلون الملك به من غير قيمة.
قلنا: فالعبد يزيل ملكه بغير بدل.
الثاني: أنه إنما لم يجب هناك من بدل؛ لأنا جعلنا الغرم عقوبة ومجازاة، بل هاهنا أحق فإنه لا يجب عليه قود؛ فوجب أن لا تخليه من عقوبة تكون ردعاً، وليس إلا إزالة ملكه عنه وانعتاقه عليه.
احتجوا:
بأنها جناية على مملوك لو وُجدت (٢) من أجنبي لم يزل الملك عن المالك، فإذا وجدت من المالك لم تزل ملكه، كالجناية على دابته وزوجته، وعكسه القتل لما أزال ملكه عن العبد بفعل الأجنبي، أزال ملكه عنه بفعله، يدل عليه أنه لو كان مزيلاً للملك لا يستوي فيه العمد والخطأ، كالقتل والاستيلاد والعتق يستوي فيه القصد وعدمه.
والجواب:
أنه فرق بين الأجنبي والمالك، بدليل الاستيلاد والعتق إذا وجدا من المالك نفذا، وإذا وجدا من الأجنبي لم يؤثرا.
الثاني: أن الأجنبي ما خلا من عقوبة وغرامة، وتلك مجازاة ومقابلة في المال يجب أن تكون في حق المولى، لا تخلو من مقابلة لحق الله ـ تعالى ـ في العبد، وأما الزوجة فلا يخلو من تحسين في المال وعقوبة في النفس
(١) ينظر: الاختيار ٣/ ٧١، درر الحكام شرح غرر الأحكام ٢/ ٢٦٥. (٢) بهذا المكان في الأصل تكرار لكلمة: (وجدت).