للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: بالعتق أخرجه عن كونه مالاً طرفاً كان المباشر أو نفساً، وهاهنا لا يزيل المالية عن الجملة، فزال الملك عن الطرف المبان خاصة.

قلنا: لا نسلم بل هما سواء؛ لأنه يعتق هنا وهناك.

/ الثاني: أنه يجوز أن يزيل الملك وإن لم يزل المالية عن الجملة كالاستيلاد (١) والشريك، والأب يزيل ملك الابن والشريك عن الأمة، ولا يزيل المالية، بدليل أنها تضمن بالغصب والجناية ضمان قيمته.

فإن قيل: ففي العتق لا يزول ملكه عقوبة، بل قربة، وهاهنا يحكمون بأنه عقوبة، وليس لنا عقوبة يجب على السيد لأجل عبده أو لحق عبده بدليل حد القذف والقصاص ولا عقوبة بمال.

قلنا: بل قد ثبتت العقوبة بالمال عندنا إيجاباً وإخراجاً، وعند الجميع حرماناً، وهو حرمان القاتل إرث المقتول، والكفارات عقوبات، قال الله ـ تعالى ـ في جزاء الصيد: ﴿لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾ (٢)، ولا يمتنع وجوب عقوبة على السيد لأجل العبد، بدليل التحرر.

فإن قيل: لو كان كالعتق لوجب إذا أكدمه (٣) العبد المشترك أن يشتري إلى حصة شريكه، فلمّا لم يشترِ دلّ على افتراقهما، وكان السرّ فيه أن العتق أنفذ، ولذلك لا يحتاج إلى قصد، وهذا لا يحتاج إلى قصد.

قلنا: كذا نقول، وأنه يسري كالعتق والاستيلاد.

وقولكم: العتق لا يحتاج إلى قصد، فيجوز أن يختلفا في اشتراط العمدية والقصد، ويستويان في حصول العتق بهما؛ بدليل الاستيلاد لا يحتاج إلى قصد، والعتق بالقول من جهة الكتابة يحتاج إلى قصد، ويستويان في حصول القصد، وكذلك الكتابة والصريح ووجود الصفة يختلفان في حصول العتق.


(١) الاستيلاد: هو اتخاذ الأمة للوطء طلباً للولد. [ينظر: التعريفات ص ٢٢، معجم لغة الفقهاء ص ٣٠].
(٢) المَائدة: ٩٥.
(٣) أكدمه: أحدث فيه أثراً بعضّ أو نحوه. [ينظر: المعجم الوسيط ١/ ٥٢٨].

<<  <   >  >>