للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: فهل اعترفت له بشيء؟ قالت: لا، فقال عمر: عليّ بالرجل، فلما رأى عمر الرجل، قال: أتعذِّب بعذاب الله؟ قال: يا أمير المؤمنين اتهمتها في نفسي، قال: رأيت ذلك عليها؟ قال الرجل: لا، قال: فاعترفت لك؟ قال: لا، قال: فو الذي نفس عمر بيده لو لم أسمع النبي ـ صلَّى الله عليه ـ يقول: «لا يُقادُ مملوك من مالكه»؛ لأقدتُها منك، وبرزه فضربه مائة سوط، ثم قال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله ـ تعالى ـ، وأنت مولاة الله ورسوله، أشهد لسمعت النبي ـ صلَّى الله عليه ـ يقول: «من حرّق بالنار أو مثل بعبده فهو حرّ، وهو مولى الله ورسوله» (١)، وقال هذا عمر بمحضر من الصحابة وتوافر منهم، ولم ينقل عن أحد خلافه فوجب العلم به.

قالوا: إنما فعل ذلك معاقبة للسيد ومراغمة له، حيث أراد إجراء غاية تسلطه على العبد في أن يعذبه بعذاب الله وهو النار، أو يمثل به، فعوقب بإخراجها عن ملكه، فهذا أمكن تعليله على الجملة.

والفقه فيه: أنه إتلاف لو وجد في جميع العبد أزال ملكه عنه، فإذا علق على البعض أزاله كالعتق.


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار، باب بيان مشكل الواجب فيما اختلف فيه أهل العلم في تمثيل الرجل بعبده من عتاق عليه بذلك ومن سواه مما لا عتاق معه ١٣/ ٣٦١، ح ٥٣٢٩، والطبراني في الأوسط ٨/ ٢٨٦، ح ٨٦٥٧، والحاكم، كتاب الطلاق ٢/ ٢٣٤، ح ٢٨٥٦، والبيهقي في الكبير، كتاب النفقات، باب ما روي فيمن قتل عبده أو مَثَّلَ به ٨/ ٦٥، ح ١٥٩٤٨، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا عمرُ بْنُ عيسى، تفرد به: الليث، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقال الذهبي: بل عمر بن عيسى منكر الحديث، وقال الهيثمي: روى الترمذي بعضه، رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمر بن عيسى القرشي، وقد ذكره الذهبي في الميزان، وذكر له هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحاً، وبيض له، وبقية رجاله وثقوا، وقال ابن حجر: قال الحاكم صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عمرو بن عيسى شيخ الليث، وفيه منكر الحديث، كذا قال فأوهم أن لغيره كلاماً، وليس كذلك؛ فإنه ذكَرَه في الميزان فقال: لا يعرف، لم يزد على ذلك ولا يلزم من ذلك القدح فيما رواه، بل يتوقف فيه. [ينظر: مجمع الزوائد ٦/ ٢٨٨، فتح الباري ١٢/ ١٨١].

<<  <   >  >>