وروى الإمام أحمد في «المسند»، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال أخبرني معمر، أن ابن جريج أخبره، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن زنباع (١) أبا روح وجد غلاماً له مع جارية له، فجدع أنفه وجبّه، فأتى النبي ﵇، فقال:«من فعل هذا بك؟» قال: زنباع، فدعاه النبي ـ عليه [السلام](٢) ـ، فقال:«ما حملك على هذا؟» فقال: كان من أمره كذا وكذا، فقال النبي ـ صلَّى الله عليه ـ للعبد:«اذهب فأنتَ حُرٌّ»، فقال: يا رسول الله، فمولى من أنا؟ قال:«مولى الله ورسوله»، فأوصى به رسول الله المسلمين، فلما قُبض رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ جاء إلى أبي بكر، فقال: وصية رسول الله، قال: نعم، نجري عليك النفقة وعلى عيالك، فأجراها عليه حتى قبض أبو بكر، فلما استخلف عمر جاءه، فقال: وصية رسول الله، قال: نعم، أين تريد؟ قال: مصر، قال: فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه أرضاً يأكلها (٣).
وهذا الحديث نص، فادّعوا إرساله، فهو حجة عندنا وعند أصحاب أبي حنيفة، ولا جائز أن يقال بحمل قوله: فهو حر، أي: السيد حر، بمعنى أنه لا يقتص منه لعبده؛ لأنا/ نقول: قد علمنا أن السيد حر، قبل أن يمثل بعبده، فلا فائدة أن يقول: فهو حر، لمن هو حرٌّ.
الثاني: أننا قد استفدنا أنه لا يجرى القصاص بينهما بدليل آخر؛ فينبغي أن يحمل هذا على فائدة مجددة.
وروى الشيخ أبو عبد الله ابن بطة بإسناده، عن ابن عباس، قال: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب فقالت: إن سيدي اتهمني فأقعدني على النار حتى احترق فرجي، فقال لها عمر: هل رأى ذلك عليك؟ قالت: لا،
(١) زنباع الجذامي، هو زنباع بن روح، يكنى أبا روح بابنه روح بن عدي، كان ينزل فلسطين، له صحبة، حديثه عند عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، قدم على النبي ﷺ وقد خصى غلاماً له؛ فأعتقه النبيُّ ﷺ بالمثلة. [ينظر: الاستيعاب ٢/ ٥٦٤، أسد الغابة ٢/ ٣٢١، الوافي بالوفيات ١٥/ ٢٩٥]. (٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق. (٣) أخرجه أحمد ١١/ ٣١٤، ح ٦٧١٠، وقال الهيثمي: رجاله ثقات. [ينظر: مجمع الزوائد ٦/ ٢٨٩].