لأنه تطويل لا يحتاج إليه، وهو العبث في الفعل واللغو من القول، حتى إن بعض العلماء يقول: إنه لا يحسن الاستثناء إلا بالكثير (١).
فأما بالعقد فلا، وهذا يرجع إلى معنى وأن الاستثناء لنوع استدراك، يقول الرجل: ثنيت عنان فرسي، وثنيت فلاناً عن رأيه، وذلك لا يقع أبداً إلا فيما يستدرك مثله لقلة الاهتمام به والمذكور هو المهتم به، فيذكر المائة أو العشرة؛ لأنها المال الأكثر والعقد الأكثر، ثم يثني إلى إخراج ما قلّ واستدركه، فيكون ذكره للأكثر هو المهم المذكور، فأما أن يريد إثبات درهم فيذكر مائة ألف، ويبقى منها ما يبقى منه درهم، فما هذا موضوع العرف والعادة.
فإن قيل: نسلم أن الأكثر/ على أنه صفة لا استثناء، ونصب غير على الحال على أنه لو أراد به الاستثناء فهو استثناء بصفة، وخلافاً في استثناء العدد الأكثر من جملة عدد، وقدمنا الفرق بينهما فما تقدم فأغنى عن إعادته.
وأما الآية الأخرى: فالاستثناء القليل، وقوله: نصفه، فكلام مبتدأ ليس باستثناء فإنّه قال: قم الليل نصفه، أو منه قليلاً، أو زد عليه، على أن الخرقي ـ من أصحابنا ـ قد أجاز استثناء النصف (٢)، وخلافنا في استثناء الأكثر، وخالفه على ذلك أبو بكر، فقال في كتاب «الشافي»(٣): إنما يجوز ما دون النصف (٤).
(١) الخلاف في صدر المسألة هل يصح استثناء الأكثر أو لا يصح، ولم أقف على من قال: إنه لا يحسن الاستثناء إلا بالكثير، فلعلّ (إلا) في المخطوط زائدة من الناسخ، فتكون العبارة: (لا يحسن الاستثناء بالكثير). (٢) ينظر: متن الخرقي ص ٧٦، الإنصاف ١٢/ ١٧٢. (٣) كتاب: (الشافي)، لأبي بكر عبد العزيز بن جعفر، المعروف بـ (غلام الخلال)، هو كتاب جمع فيه روايات الإمام أحمد بن حنبل، وقد اختصر منه كتابه الشهير: (زاد المسافر). [ينظر: مقدّمة كتاب زاد المسافر ١/ ١٢٠]. (٤) ينظر: الإنصاف ١٢/ ١٧٣.