وأما قياسهم على التخصيص فنقول: هذا إثبات لغة بالقياس، وفيه نظر.
وقياسهم ـ ولو نزلنا عن هذا ـ فالتخصيص يدخله ما لا يدخل الاستثناء، ألا ترى أنه يجوز التخصيص بدليل منفصل، ولا يصح الاستثناء بلفظ منفصل، والتخصيص يجوز بجميع أدلة الشرع والعقل، والاستثناء لا يجوز إلا بحروف مخصوصة في اللغة، والتخصيص يأتي على الجميع فيصير نسخاً، والاستثناء لا يصح أن يأتي على الجميع.
على أن التخصيص لا يكون إلا بصفة، ولهذا يصح في العدد المجهول، والاستثناء في مسألتنا لا يكون إلا بعدد معلوم من عدد معلوم، فنظيره استثناء بصفة فيجوز في الأكثر.
وأما قياسهم على الأقل أن يكون بحسن استدراكه وبوبانه (١) على وجه الاختصار بخلاف الأكثر.
جواب آخر: أنّ الأقل لم يقم في الأحكام مقام الجميع، والأكثر أُقيم مقام الجميع، بدليل إدراك أكثر الركعة والنية قبل الزوال في رمضان عند أبي حنيفة (٢)، وفي النفل عند الشافعي (٣) وعلى وجه لنا يصح (٤)؛ لأنه/ قد نفى معظم اليوم، وكذا فعل أكثر الطواف والإيثار بمعظم ألفاظ اللعان؛ يقوم مقام الجميع عند أبي حنيفة (٥)، والأقل لا يقوم، فافترقا، والله أعلم.