للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن من الملائكة من غووا وهو إبليس وهاروت وماروت، قال ـ تعالى ـ: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ (١)، الآية.

وقال: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ (٢)، قال ابن عباس وغيره: كان من قبيلة من الملائكة يُقال لهم: الجن، وهم خزان الجنة، وكان على ملك سماء الدنيا (٣).

وأما قول الشاعر: فقد قال بعض أهل العلم: إنّ هذا البيت معمول، ولم يصح عن العرب.

الثاني: أن هذا ليس باستثناء؛ لأنه لم يأت فيه بحرف الاستثناء، وحروف الاستثناء معلومة.

الثالث: أن هذا خرج مخرج الاقتصاد ببقية دية المقتول، فكأنه قال: قد بقي عليكم أكثر الدية فادفعوه، ذكر ذلك ابن عرفة في كتاب «الاستثناء» (٤)، وذكر قبله بيتاً وهو:

إن الذين قلتم [أمس] (٥) سيّدهم … لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما (٦)

أدّوا التي نقصت تسعين من مئة … ثم ابعثوا حكماً بالحقِّ قوّاما

قال بعض أصحابنا: وعندي أن هذا من كلام الشاعر على التعجب والتظلّم والاستطراف لمن نقصه من حقه الأكثر، وإذا كان خارجاً مخرج التعجب فإنما قصد حكاية الحال.

ومثل هذا لا يكون استثناء، مثل قول القائل: «هذا الخباز يعطينا خبزاً في عشرية بلية»، و «هذا الصيرفي يزن الدينار بنقص اثني عشر قيراطاً»،


(١) البَقَرَة: ١٠٢.
(٢) الحِجر: ٣٠، ٣١.
(٣) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٤٥٨، تفسير ابن كثير ١/ ١٣٦.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) ما بين المعكوفين في الأصل: (الأمس)، وما أثبته هو الموافق لكتب الأدب.
(٦) ذكره أبو الفرج الجريري، في كتابه الجليس الصالح الكافي ص ٦٩٨.

<<  <   >  >>