للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يذكر التسمية، ولو كانت واجبة لذكرها إذْ الوقت وقت الحاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

والثاني: أن الآية دلت بمطلقها على إجزاءِ الوضوء من غير تسمية، فمن اشترط التسمية لصحته فقد زاد في النص، والزيادة على النص نسخ، ونسخ القرآن لا يجوز بخبر الواحد، وأخباركم وإن صحت فهي/ أخبار آحاد لا توجب العلم، فلا يجوز نسخ الكتاب بها.

أما بيان قولنا: إن إيجاب التسمية زيادة؛ فهذا لا ينكره أحد، فكما أن الخمسة إذا ضمت إلى الخمسة زاد العدد، فكذلك إذا ضم التسمية إلى الوضوء زاد الواجب.

وأما بيان قولنا: إنها نسخ. فالنسخ: تغيير الحكم، فمتى تغير الحكم الثابت بالكتاب كان نسخاً للكتاب، أي: لموجبه، وكذلك في السنة. وقد وُجد في مسألتنا تغيير الحكم؛ لأن مقتضى الآية أن الوضوء جميع الواجب، بدليل أن لو خُلِّينا والكتاب فَهِمْنا أنه جميع الواجب ولم يزد عليه شيئاً، فإذا أوجبنا التسمية صار غسل الأعضاء بعض الواجب، وهذا تغيير قطعاً، فلا شك أن التغيير قد وجد.

يدل عليه: أن الله ـ تعالى ـ أوجب صلاة الصبح ركعتين، فلو جعلت أربعاً كان نسخاً بالاتفاق، فكذلك هاهنا.

قالوا: ولا يجوز أن يقال: إن النسخ تغيير حكم ثابت مستقر، ولم يجب الوضوء إلا والتسمية معه ثابتة، فلم يوجد تغيير الكل إلى البعض؛ لأن غسل الأعضاء كان بعضاً في جميع الأوقات.

قالوا: هذا لا يجوز أن يقال؛ لأن التغيير ثابت على ما بيّنا، والذي ادعيتم لابدّ له من نقل، ولا نقل معكم، ومثل هذا لا يجوز أن يثبت بالظن والتخمين.

هذا عمدتهم في الاعتراض على استدلالنا بالأخبار.

<<  <   >  >>