للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: هذا لا يصح من أبي حنيفة؛ لأن عنده السلام ليس بواجب (١)، ولأنه لا يمتنع أن يكون في أول العبادة ركن واجب ولا يكون في آخرها، بدليل الحج، في أوله ذكر واجب وهي التلبية، وليس في آخره ذكر واجب، وكذلك الصيام تجب النية في أوله، ولا تجب في آخره، وكذلك الذكاة تجب التسمية في أولها، ولا تجب في آخرها، ولأنكم/ تستحبون التسمية في أولها دون آخرها.

وذكروا طريقة أخرى، قالوا: الطهارة سبب يتقدم الصلاة يشتمل على أشياء مختلفة، فكان من شرطه الذكر كالأذان والخطبة.

فإن قيل: الأذان المقصود به الإعلام فاعتبر فيه النطق ليحصل الإعلام، ألا ترى أن جميعه ذكر، والخطبة قد أقيمت مقام ركعتين، والركعتان فيهما ذكر، فكذلك ما قام مقامهما، وليس كذلك في مسألتنا فإن المقصود التطهير خاصة وهذا يحصل من غير تسمية.

قلنا: لو كان المقصود بالأذان الإعلام لكان ينبغي أن يجتزأ ببعض الألفاظ لحصول الإعلام، وأن لا يكون من شرطه الترتيب، فدل على أنه إنما كان ذلك لأجل التعبد، مثله في التسمية.

وقولكم: إن الخطبتين أقيمتا مقام ركعتين؛ كان ينبغي أن لا يوجب الذكر في جميع الخطبتين؛ لأن ليس جميع الركعتين مبناهما على النطق.

هذا غاية ما ذكروا، والاعتماد على الأول.

احتجوا:

بقوله ـ تعالى ـ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٢) إلى آخر الآية، والدليل متلقى من الآية من وجهين:

أحدهما: أن الله ـ تعالى ـ ذكر الوضوء، واستوفى شرائطه،


(١) ينظر: تبيين الحقائق ١/ ١٢٥، حاشية ابن عابدين ١/ ٤٤٨.
(٢) المَائدة: ٦.

<<  <   >  >>