والضمان هو انضمام ذمة إلى ذمة، وغير ممتنع أن لا يخاطب وقد حكم الشرع بتعلق الحقوق به كالحمل والطفل، ولهذا تخرج عنه الكفارة، ويحج عنه، ويذبح الهدي عنه إذا وصَّى وغير ذلك بخلاف الجماد.
وأما قولهم: إن الأجل وصف للدين.
فقد بينَّا أن الأجل حق للموروث عاوض عنه، فينبغي أن ينتقل إلى وارثه/ مرفقاً كما كان له مرفقاً كالخيار وكالشفعة تنتقل، وكذلك حد القذف عندهم، وكما تنتقل عين العبد إلى الورثة ومنافعه إلى الموصى له.
وأما التقسيم الذي ذكروه فقد بقي قسم آخر، وهو أن نقول: يتحول الدين إلى ذمة الوارث ويضمنه للغريم ويأخذ التركة، فإن كانت ذمته ملية وإلا وثقه بالرهن والضمين، ويحمل قوله ـ تعالى ـ: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (١) حال لا يتصرف في التركة إلا بعد قضائه، وإنما شرطنا الضمين؛ لئلا يُتلف الوارث التركة، ويحل الدينُ ولا يقدرَ على قضائه، وهذا كما تقول إذا شهد شاهدان بأن فلاناً مات وأن هذا وارثه، ولم يشهدا أنهما لا يعرفان له وارثاً غيره، دفعت التركة إليه بشرط أن يقيم ضميناً أنه متى ظهر وارث آخر سلم إليه حقه، وليس يمتنع أن ينتقل الحق من ذمة إلى ذمة حكماً، وإن لم يملك الموروث ذلك حال الحياة؛ كما لو كان ماله كله ديوناً على الناس، فإنه حال الحياة لا يملك على أصلكم نقل الديون التي عليه إلى ذمم الغرماء الذين دينه عليهم، وإذا مات انتقلت حكماً إلى ذمم غرماء الميت أو إلى ذمم الورثة ليقبضوها من ذمم الناس، [ويؤدوها](٢) إلى غرماء الميت.
فإن قيل: الناس قائلان؛ منهم مَنْ قال: التركة لا تنتقل إلى الورثة إلا بعد قضاء الدين، ومنهم من قال: تنتقل مرتهنة.
فقولكم إحداث في ذمته، ويتصرف في التركة كالموروث سواء؛ وهذا لئلا يبطل حقه من الأجل الذي عاوض الموروث عليه على ما بينا.
(١) النِّساء: ١١. (٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (ويؤدونها)، وما أثبته هو الصحيح لغة.