بإزاء ما وسع على المشتري بجعل الخيار إليه في فسخ العقد، ولا يجعل المشتري الخيار للبائع/ إلا بعد أن يكون قد استرخص السلعة فيسمح بالتوسعة للبائع.
قلنا: ليس وضع الخيار لهذا، ولذلك يجوز أن يشترطه في بيع على المضرة فيه من كل واحد منهما على حظ نفسه أو حظ صاحبه، ويفسخ بيع الغبطة في المقام على العقد، وإنما هو محض الشهوة، بخلاف الأجل فإنه لا يضرب إلا على وجه يكون في التأخير نوع فائدة وتخفيف عن المشتري بتوسعة زمان القضاء من فائدة المال لا من أصله.
على أن الخيار يورث عند الشافعي (١)، ونحن نقول يورث على هذه الرواية (٢)، وعلى التسليم فالخيار وصف العاقد وشهوته، وقد تلف فتلفت صفاته كعلمه وقدرته على ما قد عرف في موضعه، والأجل حقه الذي عاوض عليه فهو كمدة الإجارة، أو نقول: الأجل صفة للدين، فبقي ببقاء الدين.
وأما تعلقهم بالارتفاق فصحيح، وأن الذمة مشغولة، وكذا كان حال الحياة، إلا أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ عظّم أمر الدين ليُعجل القضاء خوفاً من إخلاد الورثة إلى تركهِ (٣) ومجاوزة وقته، وإلا فلا وجه لحصول تضييق من الشرع مع توسعة في حق المستحق ورضا صاحب الدين بالتأخير على ما سبق.
وأما ادعاؤهم خراب الذمة، فممنوع على ما سبق تقريره، وذكرنا قول النبي ـ صلَّى الله عليه ـ:«وذمتُه مرتهنة بدينه»(٤)، وهذا صحيح، فإن الدَّين في الذمة حكم شرعي، ولهذا يصح ضمان دين الميت إذا خلف وفاء بالاتفاق،
(١) ينظر: حلية العلماء ٤/ ٣٣، المجموع ٩/ ٢٠٦. (٢) ينظر: الهداية ١/ ١٣٤، الإنصاف ٤/ ٣٩٣. (٣) بهذا المكان في الأصل كلمةٌ رسمت هكذا بتشكيلها: (مَاشَببهِ)، ولم استظهرها، والسياق يستقيم بدونها. (٤) تقدّم تخريجه.