لا جائز أن يقال: تؤخر القسمة إلى حين انقضاء الأجل؛ لأن التأخير إضرار بالكلّ. أما الغرماء فتأخر حقوقهم، وأما الورثة فتأخر إرثهم، وعلى الميت بارتهان/ ذمته على ما نطق به الشرع، ولأن فيه غرراً بحق الكل لما عساه يتطرق بالتأخير من الآفات، فيتلف المال، إما أن يكون حيواناً فيموت، أو عروضاً فتحترق، أو يسقط حكم سوقها بعارض يعرض، والأسباب في ذلك كثيرة فيذهب حق الجميع ضياعاً، ويبقى الميت مرتهناً بدينه في قبره، وإذا كان بقاء الأجل يؤدي إلى هذا فإسقاطه هو الصواب، والتمسك بأصل الحق والاحتياط له.
ولا جائز أن يقال: تقسم في الحال ويكون الحق في ذمة الورثة؛ لإجماعنا على فساده؛ لأنه نقل الحق من ذمة بغير اختيار من له الحق، كما لا يملك ذلك في الحوالة، فلم يبق إلا إبطال الأجل وحلول الدين.
الجواب:
أما الحديث فهو موضوع؛ لا يعرف في مسند، ولا يحل الاحتجاج به، ولو قدر صحته فنحمله عليه إذا لم تتكافأ ذمم الورثة لذمته ولم يوثقوا، أو نحمله أنه يحل الدين الذي عليه في ملك الورثة، أو يحل إذا لم يكن له ورثة.
وأما قولهم: إنها مدة ملحقة بالعقد.
فنقول: لمَ إذاً كانت مدة لا تورث؟
وقولهم: إنه ليس فيه معنى المال.
لا نسلم هذه الدعوى، وكيف لا وهو يأخذ قسطاً من الثمن كما تأخذ صفات السلع جودتها وحسنها وجمالها قسطاً من الثمن، وهل معنى المال إلا زيادة الأعواض الحاصلة فيما يدخل البائع على الثمن وتعجيل المثمن إلا بعد أن توفر في الثمن ما يكون بإزاء صبره وتأخيره، بخلاف الأصول التي قاسوا عليها؛ فإنه ليس فيها معنى المال.
فإن قيل: فالوجه الذي فسرتم به الأجل من معنى المال موجود في شرط الخيار، فإنه لا يبيع البائع بشرط الخيار للمشتري إلا إن توفر الثمن