للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احتجوا:

بما روى عبد الله بن عمر، عن النبي أنه قال: «إذا مات الرّجل وعليه دين إلى أجلٍ، وله دين إلى أجل، فالذي عليه حال، والذي له إلى أجله» (١).

والفقه في المسألة لهم: أن الأجل مدة ملحقة بالعقد فلم تورث كالخيار.

وربما قالوا: الأجل حق ليس له فيه معنى المال والوثيقة فلا يورث كخيار الشرط والشفعة وحد القذف، يبين صحة هذا أن الأجل صرف للرفق لمن عليه الدين؛ لأن تأخير المطالبة من الرفق به وبماله حيث لا تعسف [باللزوم] (٢) والاقتضاء، ولا يبيع أعيان ماله بيع المحتاج إلى الإيفاء، وهذا قد انعكس بالموت، وصار المقصود على ما ورد شرعاً.

قالوا: ولأنه بالموت خربت ذمته، ولهذا لا تُنْسَأ فيها الحقوق، ولأن الذمة هي العهد، والعهد إنما يكون بالخطاب، والميت ليس من أهل الخطاب، فهو كالجماد، وإذا ثبت خرابها لم يبق فيها دين، وانتقل إلى أعيان التركة، وأعيان التركة لا يدخلها التأجيل، فسقط الأجل، ولأن الأجل وصف للدين، والوصف لا يقوم بنفسه، وإنما ينتقل تبعاً للموصوف، فينبغي إذا لم يكن الدين للورثة أن لا ينتقل الأجل إليهم.

قالوا: ولأنه لا يخلو الدين من ثلاثة أحوال؛ إما أن تؤخر قسمة التركة لأجله إلى حين انقضاء أجله، أو تقسم في الحال ويتحول الدين إلى ذمم الورثة، أو يسقط الأجل ويحل الدين.


(١) أخرجه الدارقطني، كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري، باب في المرأة تقتل إذا ارتدت ٥/ ٤١٥، ح ٤٥٥٤، وقال ابن الخراط: في إسناده أبو حمزة عن جابر بن يزيد، ضعيف عن متروك، ولكن قال أبو الحسن الفاسي: فإن أبا حمزة الذي في ذلك الإسناد، هو محمد بن ميمون السّكرِي، وهو ثقة، وتضعيفه إياه يدل على أنه اعتقد فيه أنه أبو حمزة مَيْمُون القصاب، وقد بينا ذلك في باب الأحاديث التي أعلها بذكر رجال، وترك من هو مثلهم. [ينظر: الأحكام الوسطى ٣/ ٢٨٨، بيان الوهم والإيهام ٥/ ٥٣١].
(٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (باللز)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>