بأن معاذاً لما كثرت ديونه لم يزد الرسول ﵇ أن جعل ماله بين غرمائه.
[وبما](١) روى أبو سعيد الخدري أنّ رجلاً أصابته جائحة في ثمار ابتاعها، فقال الرسول ﵇:«تصدَّقوا عليه»، فتصدقوا فلم يفِ بما عليه، فقال النبي ـ صلَّى الله عليه ـ لغرمائه:«خذوا ما وجدتُم، ما لكم غيرُه»(٢)، فوجه الدلالة: أنه في الخبرين جميعاً لم يتعرض لمنافعه ولا أجره في الباقي، وقال:«ليس لكم إلا ذلك»، وقوله:«ما لكم غيره»، وهذا يعطي إهمال أمر المنافع واطراحها في/ باب قضاء الدين.
والفقه فيه: أنه إجبار على الاكتساب، فلا يملكه الحاكم على المفلس، كإجباره على قبول الصدقة والهدية والهبة، وخلع زوجته وطلاقها قبل الدخول؛ ليرجع إليه نصف المهر، وتزويج المرأة نفسها؛ لتقضي دينها من المهر.
الجواب:
أما الخبرين فلا حجة فيهما؛ لأنهما قضايا في رجل معين لا يعلم حاله، فيحتمل أنه لم يكن ذا حرفة وصناعة، ويحتمل أنه كان ذا حرفة ولا [تفي](٣) بقضاء دينه، بل كانت بقدر حاجته وحاجة عياله فتركها لمؤنته وقضى بأمواله ديونه، ومع هذا الاحتمال والتردد لا يكون مطلق قوله حجة على موضع الخلاف؛ لأن المسألة في محترف تفي حرفته وصناعته بكفايته وتفضل عن كفايته، وليس في الخبرين ما يتناول هذه [الحال](٤) المختلف فيها.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (ربما)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) أخرجه مسلم، كتاب الطلاق، باب استحباب الوضع من اليدين ٣/ ١١٩١، ح ١٥٥٦ بلفظ: أصيب رجل في عهد رسول الله ﷺ في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله ﷺ: «تصدقوا عليه»، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ﷺ لغرمائه: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك». (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (تفضي)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٤) ما بين المعكوفين في الأصل: (الحالين)، وما أثبته هو الموافق للسياق.