فلا نُسلِّم، وإنما هو إجبار على قضاء دينه بعوض ما يملكه مما أجري مجرى ماله.
ثم يلزم على الطريقة إجباره على إيجار عبده وأمهات أولاده وإيجار نفسه لتأدية الجزية وإنفاقه على ابنه وزوجته، فأما الأصل فعلته في قبول الهبة والصدقة تحمل [المنّ](١)، بخلاف إجارة منافعه على ما جرت عادته في سائر زمانه، ولهذا قال الشافعي: يلزمه الحج ببذل الطاعة قولاً واحداً، ولا يلزمه ببذل المال (٢)، ولهذا يلزمه قبول الماء للطهارة، ولا يلزمه قبول ثمنه [ليشتري](٣) ما يتوضأ به، فأما تزويج المرأة نفسها وخلع الرجل زوجته وطلاقها، فلم يجعل كالأموال، ولم يعد للاكتساب، ولهذا لا يلزمه تزويج أمهات أولاده في دَينه، ويلزمه إجارتهن في ذلك.
وسرّ ذلك وفقهه: أن الأبضاع مصونة عن أن تجعل مبذلة في الاكتساب/، ولا تكون المهور والأعواض أركاناً فيها؛ ولهذا تصح العقود على الأبضاع، مع فساد الأعواض، ومع السكوت عنها، بخلاف أعواض منافع الأعمال والصنائع، فجاز أن تصان عن قضاء الديون.
ولأن في إلزامه طلاق زوجته وخلعها ضرراً عليهما، وقطعاً للعصمة بينهما، بخلاف إلزامه ما جرت به عادته من إجارة منافعه؛ فإنه لا ضرر فيه.
وأما تزويج المرأة نفسها فهو يجري مجرى إرقاقها، وما جعل الشرع بضعها معداً للاكتساب بخلاف إجارتها في الغزل، ولهذا تعتبر بأن يقال: أجبرت على التزويج والابتذال لقضاء دَينها، ولا تعتبر بإجبارها على الغزل، والله أعلم.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (المين)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) ينظر: المجموع ٧/ ٤٨. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (اشترى)، وما أثبته هو الموافق للسياق.