للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: هذه الطريقة غير صحيحة؛ لأنكم جعلتم مسألة الخلاف علَّةً؛ لأن الحكم هو الغبن الخارج عن العادة، هل يثبت الفسخ؟ فإذا جعلت علة فأين الحكم، فإن قلتم: هو العلة والحكم، فالشيء لا يكون علَّةً في نفسه.

قلنا: بل الحكم إثبات للخيار، والعلة الغبن الخارج عن العادة؛ ولهذا لو قال الرسول : أثبت الخيار في هذه؛ لأنه غبن يخرج عن العادة، صحّ.

ولأن القياس إيضاح للمشابهة بين الأصل والفرع، فإذا كان مثل المسألة في صورتها قد ثبت به الخيار كان من حكمِ المسألة إثباتُ الخيار ـ أيضاً ـ.

فإن قيل: المعنى في الأصل أن البائع غير مفرِّط؛ لأنه لا يمكنه معرفة القيمة، وهذا مفرط فإنه كان يمكنه تعرف القيمة/ فلما ترك لزمه تفريطه.

قلنا: علة الأصل ممنوعة فإنه قد كان يمكنه أن ينفذ إلى السوق فيتعرف القيمة، أو يؤخر البيع، أو يشترط الخيار فلا فرق بينهما في التفريط، ثم تبطل علة الفرع بظهور العيب، فإنه يرد به وإن كان مفرطاً؛ لأنه كان يمكنه أن يختبر المبيع وينظر إلى جميعه ويستبرئ صحته فلم يفعل، وثبت له الفسخ، كذلك هاهنا.

طريقة أخرى: أن وضع أصول الشرع على حفظ أموال الناس عليهم ونفي الأسباب التي تخرجها عن أيديهم بغير رضاهم، ولهذا قال : «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» (١)، ولهذا وضع خيار المجلس في البيع لينظر الإنسان هل غُبن أم لا، وأثبت للركبان الخيار لذلك، وجعل خيار المصراة، وأثبت في مقابله ما يختلب الإنسان الثمر، ووضع الجوائح وقال: «أرأيت إن أذهب الله بالثمرة،


(١) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>