قلنا: ليس كذلك؛ فإن الثمن معقود عليه، والنقص فيه يحمل على المشتري، كما يحصل بفوات الحر في المعيب.
فإن قيل: لو كان كالعيب لوجب أن يفسخ به إذا حدث بعد العقد، وقيل: القبض كالعيب إذا حدث.
قلنا: الغبن لا يقع طارئاً لازماً، يطرأ من زيادة تسمى ربحاً للمشتري لاغياً للبائع، وما يطرأ من نقيصة فهو حر أن لا يسمى عيباً للمشتري، وإنما يكون الغبن بما يوجد حال المساومة التي ينعقد العقد عقيبها، فينسب ذلك إلى الخداع والغبية (١)، ولا يُسلّم العيب الحادث قبل قبض المبيع، فإنّ تلف المبيع المتعيّن من ضمان المشتري، ثم لو سلمنا على رواية (٢)؛ فإن العيب الحادث عيب، سواء كان قبل العقد أو بعده، ويفوت به التسليم المستحق بالعقد إذا وجد قبل القبض؛ لأنه وجب عليه تسليم [أجرةٍ](٣) معلومة تناولها العقد، فإذا فات بعضها فإن تسليم ذلك أنجز.
فأما الغبن في المبيع فلا يكون إلا حال العقد، فأما نقصان السعر بعد العقد يكون حراماً، والغبن ما كان فعل الغابن، وانجرار ما وقع من تغير الأسواق برغبات الناس أو عدم رغباتهم فور (٤) الغبن [و](٥) التدليس لا العيب الذي يتحدد بعد العقد، فإذا لم يوجد ذلك حال العقد، وتجدد لم يكن غبناً، على أن هذا باطل بغير الوكل (٦)، يثبت به حال العقد، ولا يثبت بما كان منه بعد/ العقد.
(١) قال ابن فارس: «الغين، والباء، والحرف المعتلّ، أصلٌ صحيح يدل على تستّر شيء حتى لا يُهتدَى له، من ذلك الغبْية». [ينظر: مقاييس اللغة ٤/ ٤١١]. (٢) ينظر: المغني ٤/ ٨٢، الإنصاف ٤/ ٣٨٩. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (أجراً)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٤) بهذا المكان في الأصل حرف: (أن)، وحذفه هو الموافق للسياق. (٥) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق. (٦) الوكل: الجبان البليد العاجز، الذي إذا نابه أمر لا ينهض فيه، بل يكله إلى غيره. [ينظر: المعجم الوسيط ٢/ ١٠٥٥، لسان العرب ١١/ ٧٣٤].