قلنا: جعل الزيادة في حكم الربا على المسترسل، فإذا علم فلم يفسخ خرج عن كونه مسترسلاً فلم يكن في حقه ربا، فصح العقد.
والفقه في المسألة أن يقول: نقصان في أحد العوضين لم يرض العاقد، ولا جرت العادة بمثله، فأثبت له الخيار كالعيب، والتدليس، وهذا لأن العيب فيه، فقد جرى وصفه، وكذلك التدليس؛ لأنه أوهمه صفةً يريد به الثمن ولم تكن، وهذا بعينه في المسترسل؛ فإنه دلس عليه في سعر السوق، وأذهب من ماله أجراً، فيجب أن يكون بالخيار أولى.
وهذه الطريقة ليست صحيحة؛ لأن للمخالف أن يقول بموجبه في الثمن المعني، فإنه يثبت الفسخ، وإنما يمنع الفسخ إذا كان الثمن في الذمة؛ لأنه متى أحضر ثمناً ينقص عن الثمن الذي يقتضيه الإطلاق فليس ذلك هو الثمن، ويكون له المطالبة بما ينتظمه أوصاف الثمن، أو يذهب إليه الإطلاق من نقد البلد.
والعبارة السليمة أن يقول: ضرر بنقصان لا يعفى عنه في إطراد العادة غالباً، فملك به الخيار بنقصان العين بالعيب، وهذا لأن البيع كما يقصد سلامة بعينه من العيوب يقصد سلامة ماليته من العيب، وما ثبت الخيار في المعيب إلا لدفع الإضرار/ بمالية المبتاع، ولذلك ما لا يضرّ بالمال كالرفة والرفتين في الثوب، والغلطة والغلطتين في الكتاب، ويسير العُقَد (١)، والمُدر (٢) في الصُّبرة [من](٣) الطعام، وإذا كان كذلك فالعيبة نقص في المالية، وإضرار بالمغبون، فصار كنقصان العين بالعيب.
فإن قيل: نقص العيب في المعقود عليه، ونقص العين ليس بنقص في المعقود عليه.
(١) العُقَد: عيب في الثياب؛ يوجد في القسيّ فيفسدها وتعاب بتلك العُقَد. [ينظر: لسان العرب ١٣/ ٣]. (٢) قال ابن فارس: «الميم، والدال، والراء، أصل صحيح، يدلُّ على طينٍ متحبِّب». [ينظر: مقاييس اللغة ٥/ ٣٠٥]. (٣) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.