للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان فيها ذكر واجب، دليله الصلاة، وإن شئت أن تقول: عبادة يفسدها النوم أو يبطلها الحدث أشبه الصلاة، وهذا لأنا وجدنا العبادات على ضربين؛ منها ما يجب فيه الذكر وهو الصلاة، ومنها ما لا يجب فيه الذكر وهو بقية العبادات، ثم وجدنا الطهارة تشابه ما فيه الذكر من حيث إنها تَفسُد بالحدث والنوم وتنشطر بالعذر، والذكر مشروع فيها كالصلاة فألحقناها بها في باب إيجابه تغليباً واحتياطاً، كما قلنا نحن وأبو حنيفة (١) في التسمية على الذبيحة (٢)، وكما قلنا نحن والشافعي (٣) في إلحاقها بالعبادات في النية (٤).

يدل عليه: أن الطهارة طاعة مقصودها تحصيل التطهير الشرعي للصلاة


(١) أبو حنيفة، النعمان بن ثابت، التيمي بالولاء، الكوفي، إمام الحنفية، الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، ولد ونشأ بالكوفة، وكان قوي الحجة، أخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان، وسمع عطاء بن أبي رباح وأبا إسحاق السبيعي وغيرهم؛ وروى عنه وكيع بن الجراح والقاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم، من مصنفاته: مسند أبي حنيفة، والمخارج في الفقه، توفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ. [ينظر: وفيات الأعيان ٥/ ٤٠٥، سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٩٠].
(٢) مذهب أبي حنيفة وأحمد: أنّ التسمية على الذبيحة شرط مع الذكر، وتسقط بالسهو. [ينظر للحنفيّة: الجوهرة النيرة ٢/ ١٧٦، بدائع الصنائع ٥/ ٤٦. وللحنابلة: متن الخرقي ص ١٤٤، شرح الزركشي ٦/ ٦٣٧، الهداية ٢/ ١١٤، الإنصاف ١٠/ ٤٠٠]. أما الشافعيّة: فيبيحون أكل الذبيحة سواء ترك التسمية ناسياً أو عامداً. [ينظر: كفاية الأخيار ٢/ ٤٥٥، روضة الطالبين ٣/ ٢٠٥].
(٣) أبو عبد الله، محمد بن إدريس بن شافع، الهاشمي، القرشي، المطلبي، فقيه الملّة، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه نسبة الشافعية كافة، روى عن مالك ومسلم بن خالد وابن عيينة وغيرهم، روى عنه أحمد بن حنبل والبويطي والمزني والربيع، من مصنفاته: الأم وقد جمعه البويطي، وبوبه الربيع بن سليمان، والمسند، وأحكام القرآن، والرسالة، توفي سنة ٢٠٤ هـ. [ينظر: طبقات الفقهاء ص ٧١، ترتيب المدارك وتقريب المسالك ٣/ ١٧٤، وفيات الأعيان ٤/ ١٦٣، سير أعلام النبلاء ١٠/ ٥].
(٤) مذهب الشافعي وأحمد: أنّ النيّة في الطهارة واجبة. [ينظر للشافعيّة: مختصر المزني ص ٢، الاصطلام ١/ ٦٤. وللحنابلة: متن الخرقي ص ١٣، والإنصاف ١/ ١٤٢]. أما أبو حنيفة فيقول: تصح الطهارة بغير نيّة. [ينظر: المبسوط ١/ ٧٢، بدائع الصنائع ١/ ١٩].

<<  <   >  >>