طريقة أخرى: أنها عبادة تجب بالوطء، فيها كفارة، فوجبت الكفارة مع فسادها، دليله الحج.
أو نقول/ عبادة تجب بالجماع فيها كفارة، فجاز أن تكرر الكفارة بتكرر الجماع فيها، كالحج، والأولى في ذلك أن زمان رمضان في نفسه من غير تلبس بالصيام يحرم المحظورات، حتى إن من لم ينوِ الصوم من الليل وأصبح، حرم النهار عليه تناول ما يحصل به الإفطار، ونفس زمان الحج من غير شروع في إحرام لا يحرم.
فإن قيل: لا يسلم التعلّق بالحج من أوجه:
أحدها: أن الحج لا يخرج منه بالإفساد بخلاف الصوم، وينعقد الإحرام مع الفساد، ويجب المضي فيه بعد الإفساد خصيصة له من بين سائر العبادات، كما اختص بالانعقاد مع الإبهام، والحوالة على إحرام فلان وفلان، ثم يعقد البيان بماذا أحرم، كما أحرم عليٌّ ﵁، فقال: إهلال كإهلال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ (١)، ويهلّ به من نافلة من عليه فرضه فينعقد فرضاً، فدل على غيره عن غيره.
الثاني: أن ذاك يسمى محرماً بعد الإفساد، وهذا لا يسمى صائماً.
الثالث: أنّ الحج أدخل في باب الكفارة، ولهذا تجب الكفارات بارتكاب محظوراته جميعها من الطيب، واللباس، وتقليم الأظفار، وغير ذلك، ولهذا تجب الكفارة سواء تجبر بالتكفير، أو لم تنجبر، كفّر أو لم يكفر عن الأول.
قلنا: لا فرق بينهما عندنا؛ فإنه لا يخرج من الصوم بالإفساد، بل يجب عليه المضي فيه مع فساده ويحرم فيه بعد الإمساك ما كان يحرم قبله من الأكل، والشرب، والاستمتاع.
(١) أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار، كتاب المناسك، باب من أهل ينوي أن يكون تطوعاً أو عن غيره أو قال إحرامي كإحرام فلان ولم يكن حج حجة الإسلام ٧/ ٣٥، ح ٢٨٠٥.