للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه يقع التكفير عنه ـ أيضاً ـ، ولا يخص التكفير الوطء الأول؛ لأن كل متداخل يتعلق الوجوب بآحاده، كالرِّينات (١) المتتابعة.

فإن قيل: المعنى في الأصل: أن الوطء صادف صوم رمضان المستحق عليه، فلهذا لزمته الكفارة، وفي مسألتنا لم يصادف صوماً، وإنما صادف فطراً، والتكفير لا يحصل به خير مع الإفطار، ولا يميل الحرمة مع سلب الصحة، وفساد الصوم، فصار كما لو أفطر لمرض، أو سفر، ثم جامع؛ فإنه لا كفارة عليه، كذلك هاهنا.

قلنا: علّة الأصل باطلة على أبي حنيفة بمن ابتدأ الصوم في الحضر، ثم سافر ووطئ في صومه؛ فإن الوطء صادف صوم رمضان المستحق عليه، ومع هذا لا يجب عليه الكفارة عنده، وكذلك إذا وطئ المقيم وهو صائم ثم مرض في أثناء النهار (٢).

وأما علة الفرع ولا نسلمها؛ فإن وطأه صادف صوماً منجماً عليه لازماً له، إنما لا يجزئه في مرضه لاختلال شرط من شروطه، وهذا كما يجب في صلاة من لا يجد ماء ولا تراباً، فيصلي فيسهو؛ فإنه يجب عليه سجود السهو، وإن لم تكن الصلاة مجزئة في المرض إلا أنها في باب الجبران مساوية، وكذلك الجنابة في الحج الفاسد يجب بها الكفارة وإن لم تجز عن المرض، ويبطل على مالك والشافعي بما إذا أصبح مجامعاً فاستدام؛ فإنه لم يصادف وطؤه صوماً، ومع هذا فإنَّ الكفارة تجب عليه (٣)، كذلك هاهنا ولا فرق.


(١) الرينات جمع، ومفرده رينة، وهي الخمرة، سميت بذلك لأنها ترين على العقل، أي تغلب عليه. [ينظر: تهذيب اللغة ١٥/ ١٦٣، تاج العروس ٣٥/ ١٣٣].
(٢) ينظر: الأصل ٢/ ١٦٧، بدائع الصنائع ٢/ ١٠١.
(٣) ينظر: التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب ٢/ ٤١٧، المجموع ٦/ ٣٠٩، روضة الطالبين ٢/ ٣٦٥.

<<  <   >  >>