للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (١)، ومعناه ـ والله أعلم ـ أي: من الافتداء، ثم نزل قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (٢)، فالحتم.

ثم الآية محمولة على الحاضر بدليل ما قدمناه.

وأما خبر أبي الدرداء، وعائشة، فذلك كان في صدر الإسلام، وأول الأمر بصوم رمضان، ثم نسخ ذلك.

يدل عليه: ما روى ابن عباس أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ خرج عام الفتح، فصام حتى بلغ الكديد فأفطر، وأفطر الناس معه، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله (٣)، وفي لفظ آخر: بالآخر فالآخر (٤)، وخبر آخر: أنه أفطر فبلغه أن قوماً صاموا، فقال: «أولئك العُصاة» (٥)، وعام الفتح من آخر أمر رسول/ الله ـ صلَّى الله عليه ـ، ثم يحمل ذلك على أنه بيَّن به الجوازَ؛ بدليل أن القصر عندنا وعند مالك والشافعي أفضل (٦)، وعائشة قد أتمت، وعند أبي حنيفة القصر عزيمة (٧).

ومن أصحابنا من أجاب عن الحديث الأول فقال: يحتمل أن النبي كان سافر في أثناء النهار، فلم يحب أن يُغلِّب الرخصة [معه] (٨)،


(١) البَقَرَة: ١٨٤.
(٢) البَقَرَة: ١٨٥، أخرجه أبو داود، كتاب الصوم، باب نسخ قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾ ٢/ ٢٦٥، ح ٢٣١٨ قال: حدثنا أحمد بن محمد، حدثني علي بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، فكان من شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى وتم له صومه، فقال: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وقال: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) ينظر: الاستذكار ٦/ ٧٤، الحاوي الكبير ٢/ ٣٦٦، المجموع ٤/ ٢٨١، الإرشاد ص ٩٥، الإنصاف ٢/ ٣٢١.
(٧) تقدّم توثيقه.
(٨) ما بين المعكوفين في الأصل: (معها)، والضمير يرجع للسفر، فما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>