وروى سلمة بن المحبق (١) عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ، قال:«من كانت له حمولة تأوي به إلى شِبع، فليصم رمضان حيث أدركه»(٢)، وهذا عام.
والفقه فيه: أنه أدى عبادة في وقتها، فكان أفضل من تأخيرها، دليله: الصلاة، وهذا لأن العبادة أفضل من العادة، وقهر الهوى بالعبادة أفضل من اتباع الهوى خصوصاً إذا كان القضاء واجباً، ولا ثقة بالإتمام، وربما عاقه عائق، فالأحوط قضاء الدين، وعلى هذا نقول: إن الإتمام أفضل من [القصر](٣)، ولو سلمنا؛ فإن الذي قصر من الصلاة لا يصير ديناً في الذمة، وهذا يصير ديناً في الذمة، وهو القضاء على غرر.
يدل عليه: أن الصوم عزيمة، وهو الأصل، والإفطار رخصة، وهو عارض، وفي الصوم فعل العبادة في وقتها، وهو الأشق على الأنفس، وأفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس، قال النبي ـ صلَّى الله عليه ـ لعائشة:«ثوابكِ على قدر نَصَبِكِ»(٤).
(١) سلمة بن صخر بن عتبة بن صخر بن حضير بن الحارث بن عبد العزى بن دابغة بن لحيان بن هذيل الهذلي، شهد حُنَيْناً مع النبي ﷺ وشهد ـ أيضاً ـ فتح المدائن مع سعد بن أبي وقاص، ولما بشر وهو بحنين بابنه سنان، قال: سهم أرمي به عن رسول الله ﷺ أحب إليّ مما بشرتموني به. [ينظر: أُسْد الغابة ٢/ ٥٢٦، الإصابة في تمييز الصحابة ٣/ ١٢٩]. (٢) أخرجه أحمد ٢٥/ ٢٥٢، ح ١٥٩١٢، وأبو داود، كتاب الصوم، باب من اختار الصيام ٢/ ٣١٨، ح ٢٤١٠، والعقيلي ٣/ ٨٣، والبيهقي في السنن الكبير، كتب الصيام، باب من اختار الصوم في السفر إذا قوي على الصيام ولم يكن به رغبة عن قبول الرخصة ٤/ ٤١٢ من طرق عن عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي، حدثني حبيب بن عبد الله قال: سمعت سنان بن سلمة بن المحبق يحدث عن أبيه به. قال البيهقي: قال البخاري: عبد الصمد بن حبيب منكر الحديث، ذاهب، ولم يعد البخاري هذا الحديث شيئاً. وقال صدر الدين المناوي: في سنده عبد الصمد بن حبيب العوذي البصري، ضعفه أحمد. [ينظر: كشف المناهج ٢/ ١٨١]. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (القطر)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٤) أخرجه البخاري ـ واللفظ له ـ، كتاب الحج، باب أجر العمرة على قدر النصب ٣/ ٥، ح ١٧٨٧، ومسلم، كتاب الحج ٢/ ٨٦٧، ح ١٢١١ من طريق ابن عون، عن القاسم بن محمد وإبراهيم، عن الأسود، قالا: قالت عائشة ﵂: يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين، وأصدر بنسك؟ فقيل لها: انتظري، فإذا طهرت، فاخرجي إلى التنعيم، فأهلي ثم ائتينا بمكان كذا، ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك.