فما منا صائم إلا ما كان من رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ، وعبد الله بن رواحة (١).
وهذا يدل على أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ حمل على نفسه على الفضل، [ولم يفطر](٢) للرخصة، ولا سيما مع شدة الحر؛ فإن الرسول لا يظن به أنه يترك الفضل، ويتكلف الأشق طبعاً، ويأتي بالأقل والأدون شرعاً وفضلاً،/ وهذا حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم في «صحيحيهما»(٣).
وروى أبو داود بإسناده عن عائشة خرجت مع رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ في عمرة رمضان، فأفطرَ رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ وصمتُ، وقصرَ وأتممتُ، فقلت: يا رسول الله، أفطرتَ وصمتُ، وقصرتَ وأتممتُ، قال:«أحسنتِ»(٤). وهذا يدل على أن الفضيلة في الصوم.
(١) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس، كان يكتب في الجاهلية، وكانت الكتابةُ في العرب قليلةً. شهد بدراً وأُحداً والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضية. وكان أحد الشعراء المحسنين الذين كانوا يردون الأذى عن رسول الله ﷺ، وحين توجه إلى مؤتة دعا الناس له وهم يقولون: ردك الله سالماً، فجعل يقول: لكنني أسأل الرحمن مغفرة. استشهد يوم مؤتة في حياة رسول الله ﷺ سنة ٧ هـ، وكان أميراً لرسول الله ﷺ على الجيش بعد جعفر وزيد ﵄. [ينظر: الطبقات الكبرى ٣/ ٣٩٨، الاستيعاب ٣/ ٨٩٨، إكمال تهذيب الكمال ٦/ ٢٤]. (٢) ما بين المعكوفين في الأصل بياض، وقد استظهرته من السياق. (٣) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر ٣/ ٣٤، ح ١٩٤٥، ومسلم، كتاب الصيام ٢/ ٧٩٠، ح ١١٢٢. (٤) أخرجه النسائي، كتاب تقصير الصلاة في السفر، باب المقام الذي يقصر بمثله الصلاة ٣/ ١٢٢، ح ١٤٥٦، والطحاوي في شرح معاني الآثار، باب بيان مشكل ما اختلف فيه أهل العلم من إباحة إتمام الصلاة في السفر للمسافر ومن منعه من ذلك بما روي عن النبي ﷺ فيه ١١/ ٢٥، ح ٤٢٥٨، والدارقطني، كتاب الصيام، باب القبلة للصائم ٣/ ١٦٢، ح ٢٢٩٣، والبيهقي في الكبير، كتاب الصلاة، باب من ترك القصر في السفر غير رغبة عن السنة ٣/ ٢٠٣، ح ٥٤٢٧، قال الدارقطني: إسناد حسن، وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار ٤/ ٢٥٩: إسناد صحيح موصول.