للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قالوا: إنما كان الفطر أولى حتى تتقوى على الدعاء لعرفات؛ لأن الصوم يستدرك، والدعاء لا يستدرك به إزالة المشقة اللاحقة بالسفر في ذلك الموضع.

قلنا: وهاهنا يستدرك به إزالة المشقة اللاحقة بالسفر التي لا يدركها إلا بالفطر.

الثاني: أن مثله في الصوم لا يستدرك صيام عرفة بصوم غيره، ولا حرمة غير يوم عرفة لحرمة عرفة؛ لأن صومه كفارة سنتين، ثم هذا باطل بالفطر في المرض؛ فإنه أفضل وإن كان لا يستدرك به التوفر على عبادة (١).

ومن مشايخنا من قال: الصوم في السفر مختلف في صحته (٢)، وقد روينا ذلك عن عمر، وابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وداود، وإذا كان مختلفاً في ذلك كان فعل الصوم في الحضر على وجه يكون [مجمعاً] (٣) على صحته أولى مما يأتي به على وجه مختلف في صحته، وهو على غير يقين من سقوط الفرض، وهذا لأن العبادات المعتبر فيها القطع، واليقين، وإلغاء الشك والتخمين.

احتجوا:

بقوله ـ تعالى ـ: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (٤)، وهذا نص.

وروى أبو الدرداء قال: كنا مع رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ في السفر، وإن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر،


(١) في هذا المكان بالمخطوط تكرار لعبارة: (ثم هذا باطل بالفطر في المرض؛ فإنه أفضل وإن كان لا يستدرك به التوفر على عبادة).
(٢) ينظر: الإنصاف ٣/ ٢٨٧.
(٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (مجمع)، وما أثبته هو الصحيح لغة.
(٤) البَقَرَة: ١٨٤.

<<  <   >  >>