للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنَّا نقول: كونُ القصر عزيمةً، حجةٌ عليكم في مسألتنا؛ فإنه إذا كان السفر قد أثر في إسقاطها أصلاً، ورأياً، وعدم الوجوب، فلأن يؤثر في الفضيلة في مسألتنا كان ذلك بطريق الأَوْلى.

وإن قالت الشافعية: لنا في الصلاة قولان (١):

أحدهما: أن الإتمام أفضل، وعلى هذا لا نُسلِّم، فسقط الدليل، ولو سلمنا فالصلاة تختلف في صحتها تامَّةً، مجمع على أن صحتها مقصورة، فلذلك كان فعلها على الإجماع أفضل من التغرير بها، على أن الدليل يلزم عليه المسح على الخفين؛ فإن الغسل أفضل منه، وإن كان المسح رخصةً لأجل السفر.

قلنا: أما المنع فليس بمذهب؛ لأنه القول القديم والجديد: أن القصر أفضل (٢)، فكان رجوعاً عن الأول. والعذر ليس بصحيح؛ لأنه لا فرق بينهما؛ فإن مذهب عمر: من صام في السفر يعيد، وكذلك مذهب أبي هريرة، وأحد الروايتين عن ابن عباس، وابن عمر، وهو مذهب داود، ويحتجون بخبر عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ قال: «صائم رمضان في السّفر كمفطره في الحضر» (٣)، فثبت أنه كالصلاة من غير فرق.

وأما المسح/ على الخفين فلا نسلمه في إحدى الروايتين (٤)، ونقول: هو أفضل من غسل الرجلين، فعلى هذا لا كلام، وقد ذكره بعض مشايخنا.

طريقةٌ أخرى، يقال: السفر عذر يؤثر في فعل الصلاة، فكان الأفضل الإفطار معه، دليله: المرض، ونريد بتأثير الصلاة في المرض


(١) ينظر: روضة الطالبين ١/ ٤٠٣، الحاوي الكبير ٢/ ٣٦٦.
(٢) تقدّم توثيقه قريباً.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٩٨، الإنصاف ١/ ١٦٩.

<<  <   >  >>