للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى أبوعبد الله العكبري (١) المعروف بابن بطة بإسناده، عن زيد بن حبيب، أن كليب بن ذهل أخبره عن عبيد بن جبير، قال: كنت مع أبي نضرة الغفاري صاحب رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ في سفينة في الفسطاط في رمضان فدفع، ثم قرب غداءه، ثم قال: اقترب، فقلت: ألست ترى البيوت؟ فقال أبو نضرة: أرغِبتَ عن سنة محمد ـ صلَّى الله عليه ـ (٢)؟

فإن قيل: فقد خالف على ذلك علي، وعائشة، وأنس.

فأما علي فإنه أمر بعض من كان معه في السفر بالصيام وصام (٣)، وعائشة كانت تصوم في السفر، وتصلي أربعاً (٤)، وأنس قال: من/ أفطر فهو رخصة، ومن صام فهو أفضل (٥).

قلنا: لسنا نمنع جواز الصوم، وما روي عن هؤلاء الأئمة، فنحمله على الجواز، لا أنهم قصدوا الأفضل، ومعناه صريح لفظ بالأفضل، وذم الصوم، ومبالغة، فما احتججنا به مقدم على فعل محتمل للجواز.

والفقه في المسألة أنا نقول: الصوم عبادة يؤثر السفر في حكمها، فكان الترخيص فيها أفضل، دليله: الصلاة، ونريد بالوصف أن السفر يجعله مخيراً في الصوم بعد أن كان متحتّماً عليه، فإن قال أصحاب أبي حنيفة: لا نسلم أن القصر رخصة، وإنما هو عزيمة (٦)، فيدل عليه النص من الكتاب والسنة، والمعنى ـ أيضاً ـ.


(١) أبو عبد الله، عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العُكْبَري، المعروف بـ (ابن بَطَّة)، إمام، عابد، فقيه، محدث، شيخ العراق، كان أحد الفقهاء على مذهب أحمد بن حنبل، وحدث عن عبد الله بن محمد البغوي، وكان شيخاً صالحاً مستجاب الدعوة، من مصنفاته: كتاب الإبانة الكبرى، قال الذَّهبي: لابن بطة مع فضله أوهام وغلط. مات سنة ٣٨٧ هـ. [ينظر: تاريخ بغداد ١٢/ ١٠٠، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٥٣٠].
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) ينظر: مصنف عبد الرزاق، كتاب الصلاة، باب من أتم في السفر ٢/ ٥٦٠، ح ٤٤٦١.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) ينظر: المبسوط ١/ ٢٣٩، العناية ٢/ ٣١.

<<  <   >  >>