﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (١) إِنْ الله تصدّقَ برمضان على مرضى أُمّتي، ومسافريهم؛ فأيّكم يُحبّ أن يتصدّق بصدقة فتردّ عليه» (٢)، وأقلُّ أحوال هذا الكراهيةُ.
وروى أبو حفص بإسناده عن أبي هريرة، وعبد الرحمن بن عوف، قالا: قال رسول الله: «صيام رمضان في السَّفر، كمفطره في الحضر»(٣).
و ـ أيضاً ـ ما تقدم في المسألة التي قبلها من خبر جابر أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ خرج حتى بلغ كُراع الغميم أفطر، وبلغه أن قوماً صاموا، فقال:«أولئك العصاة»(٤). أخرجه مسلم، وأبو عيسى، وابن خزيمة وأبو عبد الرحمن.
فإن قيل: فقد أجمعنا وإياكم على/ أن الصوم في السفر ليس بمعصية.
قلنا: نقول: إن الصوم في السفر مخالفة السنة، ومخالفة السنة معصية، والمعاصي تختلف، فتوصف بالمعصية بترك المكروه، كما يوصف بالمعصية بترك الواجب، على أنه قد قام الدليل على أنه غير محرم، فلا بد من حمل الخبر على فائدة، فكان حمله على الكراهة لا بد منه.
وروى السالحيني بإسناده عن ابن عمر، قال: كان رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ إذا خرج من المدينة قصر ولم يصم حتى يرجع (٥)،
(١) البَقَرَة: ١٨٥. (٢) لم أقف عليه. (٣) أخرجه ابن الأعرابي في المعجم ١/ ١٨٥، ح ٣١٣ من طريق تمتام، نا عبد الصمد، نا يزيد بن عياض، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله ﷺ قال: «صيام رمضان في السفر مثل إفطاره في الحضر». (٤) سبق تخريجه. (٥) أخرجه أحمد ١٠/ ٣٧، ح ٥٧٥٠ من طريق بشر بن حرب قال: سألت عبد الله بن عمر قال: قلت ما تقول في الصوم في السفر؟ قال: تأخذ إن حدثتك؟ قلت: نعم، قال: «كان رسول الله ﷺ إذا خرج من هذه المدينة قصر الصلاة، ولم يصم حتى يرجع إليها»، وأخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب تقصير الصلاة في السفر ١/ ٣٣٩، ح ١٠٦٧ من طريق بشر بن حرب، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله ﷺ إذا خرج من هذه المدينة لم يزد على ركعتين حتى يرجع إليها. وأصل الحديث عند البخاري، كتاب الجمعة، باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها ٢/ ٤٥، ح ١١٠٢، من طريق عيسى بن حفص بن عاصم، قال: حدثني أبي: أنه سمع ابن عمر، يقول: صحبت رسول الله ﷺ فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كذلك ﵃.