فإن قيل: معناه خياركم من اعتقد جواز الفطر، والقصر دون من لا يعتقد جواز ذلك.
قلنا: هذا خطأ؛ لأن القصر والفطر فعل، فلا يجوز أن يعبر به عن الاعتقاد، ثم الحديث عامٌّ في الجميع.
وروى عروة بن الزبير، عن أبي مرواح (١) عن حمزة بن عمرو الأسلمي (٢) أنه قال: يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «[هِيَ](٣) رُخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبّ فلا جناح عليه» (٤)، وهذا نص في أن الفضيلة في الفطر، وأن الصوم لا مأثم فيه، فهو جائز.
وروى أبو حفص العكبري بإسناده، عن ابن عمر أن رجلاً سأل النبي ـ صلَّى الله عليه ـ عن الصيام في السفر، فنهاه، فقال: إن ذلك عليَّ يسير، فقال:«أنتم أعلم باليسير أم الله؟!»، يقول الله ـ تعالى ـ:
(١) أبو مُرَاوح الغِفاريُّ، ويقال: الليثي المدني، قال مسلم: اسمه سعد، وذكره في موضع آخر ولم يُسَمِّه. روى عن: حمزة بن عمرو الأسلمي، وأبي ذر، وأبي واقد الليثي. روى عنه: زيد بن أَسلم، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وعمران بن أبي أنس والصحيح: عن عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار عنه. قال العِجْليُّ: مدني، تابعي، ثقة. قال الحاكم: يُعدُّ في النَّفَرِ الذين وُلِدوا في حياة النبي ﷺ وأسماهم المصطفى ﷺ. [ينظر: أسد الغابة ٦/ ٢٧٦، الرفع والتكميل ٣/ ٤٢٦]. (٢) حمزة بن عمرو الأسلمي، أبو صالح، وقيل: أبو محمد، روى عن أبي بكر وعمر ﵄. قال محمد بن عمر: قال حمزة بن عمرو: لما كنَّا بتبوك وانفر المنافقون بناقة رسول الله ﷺ في العقبة حتى سقط بعض متاع رحله، قال حمزة: فنور لي في أصابعي الخمس، فأضيء حتى جعلت ألقط ما شذ من المتاع السوط والحباء وأشباه ذلك. قال: وكان حمزة بن عمرو وهو الذي بشر كعب بن مالك بتوبته وما نزل فيه من القرآن، فنزع كعب ثوبين كانا عليه فكساهما إياه. قال كعب: والله ما كان لي غيرهما. قال فاستعرت ثوبين من أبي قتادة. مات سنة ٦١ هـ. [ينظر: الطبقات الكبرى ٤/ ٢٣٦، الثقات لابن حبان ٣/ ٧٠]. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (هل)، وما أثبته هو الصحيح نقلاً من مصادر التخريج. (٤) أخرجه مسلم، كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر ٢/ ٧٩٠، ح ١١٢١.