للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن جابر بن عبد الله، عن النبي أنه قال: «ليس من البرّ الصّومُ في السّفر» (١)، وهذا نص، ورواه الأثرم بإسناده عن ابن عمر عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ بلفظ خبر جابر سواء (٢).

فإن قيل: هذا ورد على سبب، وهو أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ كان في سفر، فرأى رجلاً عليه زحام، وقد ظلل عليه، فقال: «مَا هَذَا»؟ قالوا: صائم، فقال: «ليس من البرّ الصّيام في السّفر» (٣)، وأراد به: مَنْ شقَّ عليه.

قلنا: اللفظ أعم من سببه، فلا يقصر عليه، على أنه لو كان للمشقة، لقال: ليس من البر صوم من شق عليه، أو صوم مثل هذا، ثم هذا هو الحجة، فكأن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ يقول: إنما رخص الله في الفطر في السفر لأجل ما يلحق من المشقة، فليس من آلة الصوم في السفر، فربما أدى إلى هذا، وقد يكون معناه: هذا أمر لا بِرَّ فيه، يعني الصوم، ولا يجوز أن يعترض لما ليس فيه بِرٌّ، فيفضي إلى هذا.

/ وروى أبو بكر الأثرم بإسناده عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «خِيارُكُم من قَصَرَ الصّلاة في السّفر، وأفطر» (٤)، ومراسيل سعيد بن المسيب حجة عند الجميع.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر «ليس من البرد الصوم في السفر» ٣/ ٣٤، ح ١٩٤٦، ومسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر ٢/ ٧٨٦، ح ١١١٥.
(٢) أخرجه ابن ماجه، كتاب الصيام، باب ما جاء في الإفطار في السفر ١/ ٥٣٢، ح ١٦٦٥، والطحاوي في شرح معاني الآثار، كتاب الصيام، باب الصيام في السفر ٢/ ٦٣، ح ٣٢١١، وابن حبان، كتاب الصوم، باب صوم المسافر ٨/ ٣١٧، ح ٣٥٤٨. قال البوصيري: إسناد صحيح؛ رجاله ثقات. [ينظر: مصباح الزجاجة ٢/ ٦٤].
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الصلاة، باب الصيام في السفر ٢/ ٥٦٦، ح ٤٤٨٠، وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب صلاة التطوع والإمامة وأبواب متفرقة، باب من كان يقصر الصلاة ٢/ ٢٠٤، ح ٨١٧٠.

<<  <   >  >>