للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمعت النبي ـ صلَّى الله عليه ـ يقول: «من لم يُجمع الصيام من اللّيل، فلا صوم له» (١)، فوجه الدلالة أنه نفى جنسَ الصيام بنفيِ النيَّة من جنسِ الليل، وهذا يرجع إلى جملة الليل لجملة النهار.

والفقه فيه: أنها عبادة تُؤدَّى وتُقضى، فكان عدد النية في أدائها، كعددها في قضائها، دليله: الصلوات.

والتحقيق لهم: أن كلّ يوم من رمضان عبادة منفردة، بدليل أنه يتخللهما زمان لا يقبل الصوم، وفساد أحد اليومين لا يعود بفساد اليوم الآخر، وتجتمع في أيام الشهر رخصة/ وعزيمة، وكذلك يدخل ثلاثين دخولاً، ويخرج ثلاثين خروجاً، وهذا يدل على أنه عبادات، فافتقر إلى نيات بعددها كالصلوات الخمس، وصوم الشهرين المتتابعين.

يدل عليه: أنّ عندكم إذا وطئ في يومين من رمضان؛ فإنه يجب لكل يوم كفارة (٢)، ولو كان عبادة واحدة لما وجب به إلا كفارة واحدة كاليوم الواحد، وكذلك المجنون إذا أفاق في أثناء الشهر، لا يجب عليه عندكم قضاء ما فات (٣)، ولو كان عبادة واحدة لوجب، وبالإجماع الصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، وقد مضى من رمضان أيام، فإنه لا يجب عليهما قضاء ما فات، ولو كان عبادة واحدة لوجب كما لو وجدت هذه الأشياء في أثناء يوم.


(١) أخرجه الدارقطني، كتاب الصيام ٣/ ١٣١، ح ٢٢١٨ قال: حدثنا محمد بن مخلد، ثنا إسحاق بن أبي إسحاق الصفار، ثنا الواقدي، ثنا محمد بن هلال، عن أبيه، أنه سمع ميمونة بنت سعد، تقول: سمعت رسول الله يقول: «من أجمع الصوم من الليل فليصم، ومن أصبح ولم يَجمعه فلا يصم»، قال ابن الجوزي: الواقدي ضعيف. [ينظر: التحقيق في مسائل الخلاف ٢/ ٦٧].
(٢) من جامع في يوم، ثمّ جامع في يوم آخر فعليه كفّارتان، سواء كفّر عن اليوم الأول أو لم يكفّر. [ينظر: شرح الزركشي ٢/ ٥٩٨، الإنصاف ٣/ ٣١٩].
(٣) المجنون إذا أفاق في بعض الشهر لم يلزمه قضاء ما مضى. [ينظر: الهداية ١/ ٨٣، الإنصاف ٣/ ٢٩٣].

<<  <   >  >>