للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب:

أما الأحاديث فلا حجة فيها؛ لأنها واردة لبيان زمان النية، وهو الليل فقط من غير تعريض لتعدد النية، ولا توحدها.

أما تعلقهم بالقضاء فلا يصح؛ لأن قضاءها مخلفٌ لأدائها، وكذلك إذا كان زمان القضاء عبادةً من جنسها يتخللها، وزمن الأداء لا يقبل سواها.

أما قولهم: بأنه عبادات.

قلنا: لا يسلم؛ بل هو عبادة واحدة على ما مرّ بيانه، فأما تخلله من الليل، وفساد كل يوم يخصه من المفسِد الذي يصادفه من غير تَعَدٍّ، فلا يمنع من كونه عبادة واحدة، كالحج؛ فإن اشتماله على أنساك مختلفة، كالطواف، والسعي، والرمي، لو أبطل الطواف بحَدَثٍ، أو كشف عورة على قول من يرى وجوب الاستتار فيه، ويجعله كالصلاة تبطل في نفسه بالحدث، ولا يتعدى إبطاله إلى السعي ولا الرمي، ولا يدل على أن الحج عبادات منفردة؛ لأن الصوم مجموع إمساكٍ مخصوص عن أشياءَ مخصوصةٍ، وهي الأكل، والشرب، والجماع، وذلك الإمساك لا يتم/ عبادةً إلا بنيةٍ، ولو قدّم النية من أول الليل عن الإمساك، وفعل بين النية والإمساك ما ينافي الصوم من الأكل، والشرب والجماع، لم يقطع ذلك النية عن الإمساك، والنية إلى الإمساك أقرب من يوم إلى يوم، ومن ركعة من الصلاة إلى ركعة؛ لأن النية ركن، وصفه الإمساك، ولا يستدل بعدم فسادها بما يتخلل بينها وبين الإمساك من مفسدات الصوم على أنها عبادة مفردة عن الإمساك.

ولأن الإمساك عبادة مفردة عن النية، وكذلك لا يستدل على نفي فساد يوم بفساد آخر، على أن صيام الأيام عبادات منفردة.

وأما اجتماع الرخصة والعزيمة، فباطل بالطهارة؛ ترخص في القدمين بالمسح على الخفين رخصة، وبغسل بقية الأعضاء عزيمةً، وهي عبادة واحدة، والحج يجتمع فيه رخصة، وهو التعجل، والتأخير في الرمي، والحلق قبل الخروج منه، والعزائم بأنساكها كلّها، وهو عبادة واحدة.

فما المانع أن يكون في مسألتنا اجتماع الرخصة والعزيمة لا يدل على كونه عبادات. والله أعلم.

<<  <   >  >>