يدل عليه: أن النية من أوله إنما هي لصوم نهاره، فصارت الليالي المتخللة كالعدم؛ لأنها مرفق للصوم.
ولا يقطع حكم النية عن نهار يومٍ بعد يوم، كما لا يقطع الأكل، والشرب، والجماع ما بين نية الصوم من أول [مرفقٍ](١) للصوم للتقوِّي به عليه، فخرج بكونه مرفقاً أن يكون قاطعاً، وكما لم يقطع التَحلُّل الأول بفعل المحظورات ما بين الإحرام ـ وهو نية الحج ـ وبين ما بقي من أفعال الحج بعد التحلل الأول، ولم يجعله في حكم العبادتين، بل بنى آخره وباقيه على أوله في حكم النية.
احتجوا:
بما روى الدارقطني بإسناده عن حفصة (٢) عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ أنه قال: «من لم يُجمِع الصّيام من اللّيل، فلا صيام له»(٣)، وبإسناده عن عائشة عن النَّبي ـ صلَّى الله عليه ـ أنه قال:«من لم يُبيّت الصّيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له»(٤)، وبإسناده عن ميمونة بنت سعد أنّها
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (مرفقاً)، وما أثبته هو الصحيح لغة. (٢) حفصة بنت عمر بن الخطاب أمُّ المؤمنين زوج النبيِّ ﷺ كانت قبل النبي ﷺ تحت خنيس بن حذافة السهمي، تزوجها رسول الله ﷺ في شعبان سنة ثلاث من الهجرة، روى عنها أخوها عبدُ الله بْنُ عمر في الصلاة والحج، والمطلب بن أبي وداعة، وشتير بن شكل في الصوم. وروي أنَّ النبي ﷺ طلق حفصة تطليقة ثم راجعها بأمر جبريل ﵇ له بذلك، وقال: «إنها صوّامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنّة»، اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث، وانفرد مسلم بستة أحاديث. ماتت سنة ٤٥ هـ في خلافة عثمان ﵁. [ينظر: معرفة الصحابة لابن مَنْده ص ٩٤٧، رجال صحيح مسلم ٢/ ٤١٤، سير أعلام النبلاء ٣/ ٤٨٣]. (٣) أخرجه الدارقطني، كتاب الصيام ٣/ ١٣٠، ح ٢٢١٦، وأبو داود، كتاب الصوم، باب النية في الصيام ٢/ ٣٢٩، ح ٢٤٥٤، والترمذي، أبواب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يَعْزم من الليل ٣/ ٩٩، ح ٧٣٠، والنسائي، كتاب الجنائز، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك ٤/ ١٩٦، ح ٢٣٣٣ بلفظ: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له»، وقال الترمذي: عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، عن النبي ﷺ خطأ وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف. [ينظر: العلل الكبير ص ١١٨]. (٤) أخرجه الدارقطني، كتاب الصيام ٣/ ١٢٨، ح ٢٢١٣ وقال: تفرد به عبد الله بن عباد، عن المفضل بهذا الإسناد، وكلهم ثقات.