للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن فعلها قبل الوقت ليس باحتياط؛ لأنها تفوت بالتقديم كما تفوت بالتأخير، ومعنى الفوات: أنها لا تصح، ولا تسقط ما في الذمة، ويكون تقديمها دون تأخيرها؛ لأنها لا تصح فرضاً، وفي التأخير يسقط الفرض بحكم أنها تقع قضاء، فأما الصوم؛ فإنه إن صام يوماً من شعبان لم يقدح في العبادة، وإن أفطر يوماً من رمضان قدح في العبادة، ولأن تأخير الصلاة ترك يجبره الفعل فيما بعد الوقت بالقضاء، وتأخير الصوم يفضي إلى مواقعة الفطر بالأكل والجماع في يوم من رمضان، وفعل المحظور إذا أمكن الاحتراز منه لم يجز الإقدام عليه؛ لأنه لا يمكن تلافيه بعد وقوعه.

قولهم: الغيم ليس بسبب.

قلنا: مسلّم، لكن الزمان سبب صالح،/ والغيم محيل بيننا وبين دليل، فيوقع الفعل لإزالة الشك، وتحصيل يقين أداء ما وجب من تكميل الشهر.

ولهم أن يقولوا: إنما يكون الاحتياط بعد الوجوب، فأما بفعل يخاف أن يكون قد وجب مع جهلنا بوجوبه، فليس لنا في الشريعة مثله، فإن جعلتم التسع وعشرين شهراً كاملاً، فلا وجه لتوقع الهلال ولا عبرة به، كما لو كملت العدة ثلاثين يوماً، والذي يوضح هذا أنا لا نقدم على إيجاب دون بلاغ الرسالة، وثبوت المعجزة، فإذا كان أصل الخطاب لا يثبت مع الجهل، فكيف يثبت وجوب أعيان العبادات مع الجهل.

وأما التحرير، وقولهم: لم يروا الهلال، ولا أكملوا العدة.

قلنا: باطل بصوم الأسير المحبوس بالتحري، وأما الأصل فذاك تيقن كونه من شعبان، وهاهنا بخلافه.

وأما تمسكهم باستصحاب الحال؛ فإنه يصح التعلق به مع سلامة الحال، أما مع هذا الحال فلا يصح التمسك به، وقد بينا تغير الحال، والدليل الصالح لشغل الذمة على ما مر.

وأما قولهم: شكٌ، فلا يلزم الصوم.

<<  <   >  >>